إطلاق المرحلة الثالثة من “مشروع ترميم الكنائس التاريخية” في لبنان في حضور وزير الخارجية والتجارة الهنغاري بيتر سيارتو
أُطلقت المرحلة الثالثة من “مشروع ترميم الكنائس التاريخية” في لبنان، الذي تنفّذه جامعة الروح القدس- الكسليك بالتعاون مع جامعة بازماني بيتر الكاثوليكية وتموّله الحكومة الهنغارية عبر وكالة Hungary Helps وتدعمه السفارة الهنغارية في لبنان، وذلك خلال حفل أقيم بعنوان “Conserve to Preserve”، في حضور وزير الخارجية والتجارة الهنغاري بيتر سيارتو، النائبين جبران باسيل وندى البستاني، المطارنة بول روحانا وسلوان موسي وسليم صفير، سفير هنغاريا في لبنان فيرنز تشيلاغ، رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب طلال هاشم، رئيس بلدية جعيتا وليد بارود، وأعضاء مجلس جامعة الروح القدس – الكسليك وممثلي جامعة بازماني بيتر الكاثوليكية، وجمع من الفعاليات الديبلوماسية والدينية والسياسية والبلدية والتربوية والثقافية، في كنيسة سيدة الخلاص في جعيتا.
الأب طلال هاشم
استهل الحفل بكلمة للإعلامي موريس متى، ثم كانت وقفة موسيقية قدّمتها لينا خاطر، ليلقي بعدها رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب طلال هاشم كلمة شدّد فيها على أهمية هذا المشروع الذي يسعى ليس إلى ترميم الكنائس المتضررة والمحافظة عليها فحسب، بل أيضًا إلى دراسة المباني الدينية التاريخية والحفاظ على قيمتها ودعم الشعب المسيحي المحلي. كما أعرب عن سروره بالتواجد في هذه الكنيسة “المميزة برمزيتها التي تجسّد أحد الكنوز المسيحية في لبنان وواحدة من قصص نجاح هذا المشروع”.
ثم شكر “الحكومة الهنغارية بشخص وزير الخارجية والتجارة فيها، على مساهمتها الكريمة في ترميم الكنائس، فضلًا عن تعزيز العقول والنفوس، معربًا عن تقديره للشعب الهنغاري على الدعم الذي قدّمه من خلال Hungary Helps، التي موّلت هذا المشروع، شاكرًا ثقتهم بجامعتي الروح القدس وبازماني بيتر لتنفيذ هذا المشروع. كما شكر كل من وزير السياحة وليد نصّار على جهوده القيّمة لتعزيز السياحة الدينية في لبنان والنائب جبران باسيل الذي وضع حجر الأساس لهذا المشروع منذ العام 2017، إضافة إلى سكرتير الدولة الهنغارية لشؤون مساعدة المسيحيين المضطهدين تريستان أزبيه والسفير الهنغاري فيرنز تشيلاغ… منوّهًا بدور المديرية العامة للآثار التي تشكّل شريكًا أساسيًا في المشروع.
وختامًا، أمل الأب طلال هاشم: “لو أنه كان ممكنًا زيارة جميع الكنائس المرمّمة في مختلف المناطق اللبنانية لنلمس بأيدينا الحجارة المتجددة ولنشمّ رائحة التاريخ الممزوجة بنسيم الحاضر”.
كلمة الوزير نصار
ثم تلت كلمة وزير السياحة اللبناني وليد نصار الذي تغيّب لضرورات اجتماعية الدكتورة غادة كرم. وقد أشار فيها إلى أنّ “السياحة الدينية قد عرفت تطورًا سريعًا في العالم، ولطالما كان لبنان مكانًا للجوء وللخلوات الروحية بسبب تنوّع أديانه وطوائفه، مما يفسّر غناه بالمواقع الدينية الفريدة. وفي العام 2019، صنّفت الفاتيكان لبنان وجهةً للحج الديني، الأمر الذي ساعد، كثيرًا، على تحقيق هدف وزارة السياحة، في جعل الحجاج الدينيين المعاصرين يكتشفون الملاذ نفسه في جمال بلد الأماكن المقدسة عبر حماية هذه الأخيرة والترويج لها كوجهات سياحية دينية”.
ثم لفت الانتباه إلى أنّ “مشاريع وكالة Hungary Helps تهدف، بشكل أساسي، إلى دعم الشعب المسيحي المحلي والشباب العاملين في شتى الميادين. إنّ هذه المساعدات والمشاريع تهدف إلى تشجيع رواد الأعمال المسيحيين على تقديم الدعم اللازم للمسيحيين اللبنانيين لمساعدتهم على تخطّي التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهونها بسبب تدهور الوضع الاقتصادي منذ العام 2019. وهنا، لا يسعني سوى أن أعرب عن تقديري لهذه الجهود الكبيرة والمبادرات النبيلة التي تمثّل منارة أمل لبلدنا لأجيال قادمة”.
وختم الوزير نصار قائلاً: “في هذه المناسبة، وانطلاقًا من عمل الوزارة المستمر لتعزيز موقع لبنان كمركز سياحي وديني وثقافي من خلال إضافة وجهات ومعالم جديدة على خريطته السياحية، يسرني أن أعلن أنّ وزارة السياحة قد قررت إدراج “كنيسة سيدة الخلاص في جعيتا” على خارطة السياحة الدينية والترويج لها على المواقع كافة باعتبارها موقعًا سياحيًا دينيًا، آملاً أن تتسّع رقعة هذه المشاريع الثقافية والسياحية والتراثية والأثرية لتشمل مواقع أخرى في كل لبنان”.
الوزير بيتر سيارتو
وفي كلمته، أعرب وزير الخارجية والتجارة الهنغاري بيتر سيارتو عن تقديره “لهذه المناسبة المتمثلة في افتتاح هذه الكنيسة الرائعة وإطلاق المرحلة الثالثة من هذا المشروع الهادف إلى ترميم وإعادة بناء الكنائس المسيحية في لبنان المموّل من الحكومة الهنغارية. ويشرفني أن أمثّل هذا البلد وهذا الشعب الذي ناضل، كثيرًا في سبيل الإيمان والتراث المسيحي. وبهذا، لم نكن نحمي أنفسنا فحسب، بل المسيحيين في أوروبا أجمع من خلال المحاربة من أجل حريتنا، ونضالنا ضد ديكتاتورية الشيوعية. ونفتخر بأننا نملك دستورًا يوجب صراحةً قيام سلطات الدولة بحماية الثقافة والتراث المسيحي. نحن بلد وأمة تفتخر بمسيحيّتها، وجذورها المسيحية، وتراثها وثقافتها المسيحية”.
ثم أردف: “نعلم جميعًا أنه يقع على عاتقنا أن نحافظ على هذا التراث، وذلك يتطلب أفعالاً وليس مجرد أقوال. ومنذ العام 2010، قمنا ببناء أو إعادة بناء ثلاثة آلاف كنيسة مسيحية. وتجدر الإشارة، إلى أنه ضمن الاتحاد الأوروبي، نحن أكثر من أنفق على دعم نشاطات الكنائس وتشغيل المدارس المسيحية. إنّ التمسّك بالتراث والإيمان المسيحيين، في هذه الأيام، يعتبر أمرًا صعبًا بسبب التيار الليبرالي العالمي الذي يحاول أن يحكم الساحة السياسية الدولية والخطاب الدولي العام، من جهة، والذي يعتبر، من جهة ثانية، أن ما نقوم به هو قديم يجب أن يُترك في الماضي. وتجاه ذلك، علينا أن نرفض هذه المقاربة وأن نقاوم هذا الواقع العنيف. بالرغم من أنّ المسيحيين يُعتبرون أكبر جماعة دينية في العالم، إلا أنهم يعانون من مختلف أشكال الاضطهاد والتمييز. وإزاء ما تتعرض له الكنائس وسائر المباني الدينية من دمار وخراب في مختلف أنحاء العالم، تظهر أهمية لقائنا اليوم في افتتاح كنيسة جرى إعادة بنائها وتجديدها”.
وفي هذا السياق، تطرّق الوزير إلى “مشروع “Hungary House” الذي يدعم الجماعات المسيحية حول العالم منذ العام 2017، حيث أنفقنا ثمانمائة ألف دولار في 54 بلد لتمويل 256 مشروع لمساعدة المسيحيين. وقمنا بمساعدة عدد كبير من المسيحيين للبقاء في أرضهم أو للعودة بأمان إلى وطنهم الأم. وفيما خص هذا المشروع، قدمنا 1.8 مليون دولار للمرحلتين الأولى والثانية، ونحن الآن بصدد البدء بالمرحلة الثالثة وقدمنا مليونين دولار لهذا الغرض”.
وختامًا، حيّا الوزير سيارتو “مسيحيي لبنان وصمودهم بوجه الصعوبات التي تواجههم. ولا خوف عليهم ما دامت الكنائس تغصّ بالمؤمنين وما دام المجتمع يتسلّح بالقوة والإرادة. سنبقى أقوياء لاستعادة إيماننا والمحافظة عليه”.
معرض صور
وفي الختام، تم افتتاح معرض فريد من نوعه، تضمن صور الكنائس التي شملها المشروع في مرحلتيه الأولى والثانية، أظهرت مراحل ما قبل وبعد عملية الترميم الشامل.
عن المشروع
وتجدر الإشارة إلى أنّ مشروع ترميم الكنائس التاريخية يهدف إلى ترميم63 كنيسة في لبنان، وقد تم اطلاقه في العام 2018 وبمرحلتيه الأولى والثانية، شملت عمليات الترميم 33 كنيسة، فيما ستشمل المرحلة الثالثة، الجارية حاليًا، 30 كنيسة. وفي هذا الإطار، يكمن الهدف الأساسي للمشروع في المحافظة على المباني الدينية التاريخية ودراستها، لا سيما تلك التي تتمتع بقيمة هندسية وتاريخية وأثرية والتي تحتاج إلى تدخل طارئ للمحافظة على هذه القيم، في سبيل دعم الشعب المسيحي المحلي. من هنا، جرى اختيار الكنائس بالاستناد إلى هذه القيم بشكل يحترم قدر الإمكان التوزيع الجغرافي المتوازن لدعم المجتمعات المسيحية في جميع أنحاء البلاد.