أفكار وآراء

مشاركة سوريا انقاذ للقمة وتاكيد لعروبتها ولكن التقييم ينتظر المقاربات والقرارات ..

*كتب علي يوسف

استغرب في الحقيقة التركيز الاعلامي اللبناني في موضوع القمة العربية على موضوع مشاركة سوريا ومشاركة الرئيس الأسد في هذه القمة … مع الاختلاف في الرؤيا في هذا الموضوع بين من يعتبر ان هذه المشاركة نتيجة عودة سوريا الى العالم العربي ..وبين من يعتبرها عودة العالم العربي الى سوريا …
ورغم اهمية هذه المشاركة وبغض النظر عن طريقة رؤيتها فإن اعتبارها البند المهم الاساس في القمة هو تغليب الهم الذاتي النكدي اللبناني على الواقع الفعلي وعلى الإستحقاقات الحقيقة في هذا الظرف التاريخي …..
لا بد من القول وبصراحة ان عودة سوريا وحضورها القمة العربية هو انقاذ لهذه القمة و تسهيل امكان اعطاءها الجدوى التاريخية والدور التاريخي المطلوب منها في مرحلة التغييرات الكبرى الراهنة ..
ولا بد القول ان هناك من يعتبر الحضور العربي الكامل للقمة هو انتصار للسعودية وهوالمطلوب ونقطة على السطر ؟؟ او من يقول انها ستكون فرصة لتكرار البيانات التي تدعو للتنسيق والتعاون ومعالجة المشكلات وتكليف لجان الوساطات بين ” المتخاصمين “على طريقة الارضاءات بالنقاط او على طريقة ابراء الذمة بإعلان المحاولة دون وجود تصور واضح وسياق واضح لسياسات تأخذ بعين الاعتبار التطورات والتغييرات الدولية والتموضع العربي في هذه التحولات … والذي بدأته المملكة السعودية ويحتاج الى الكثيرمن العمل والتعميق ووضوح المسارات والاهداف ….
ان كل تقدير لاعتبار الشكليات والحسابات الضيقة هو الأهم في القمة هو اعتبار سخيف مازال يعيش في الماضي …وان ظهر وجود انجازات شكلية راعت التوازنات الفارغة إلا ان هذه ستكون في الحقيقة بمثابة اعدام لفرصة تاريخية في لحظة تاريخية ..
وقد تكون لها انعكاسات خطيرة تمنع الافادة من مشروع تعدد الاقطاب لجهة عدم المشاركة في صنع قطب اقليمي هو قيد الاعداد ..وإبقاء معظم الدول العربية في موضع التبعية والانصياع لرغبات المحور الاقوى دوليا كان او اقليميا … أو يمكن ان يكون الاسوأ التبعية للطرف الأضعف…….
ان انعقاد القمة العربية بكامل العضوية تقريبا وفي جدة في السعودية في هذه المرحلة التاريخية يُعطيها القدرة على الافادة من افضليات ثلاثة :
١-بدء انهيار نظام القطب الواحد وما قد يؤدي اليه ذلك من فرص نشوء اقطاب متعددة يمكن لاقليمنا ان يكون واحدا منها نظرا للامكانات الكبيرة التي يختزنها من الموارد البشرية والمادية والثروات ..كما يمكن للدول العربية ان تكون الاساس في تكوين هذا الاقليم اذا ما دخلته بتكتل موحد ..
٢- ثورة الامير محمد بن سلمان التي وضعت المملكة على سكة الحداثة والتموضع الاستراتيجي الذي يتلاءم مع دورها المشرقي والحضاري والثقافي وحيث تأخذ موقعها الطبيعي في محور دول البريكس وفي انتظار تطور هذا التموضع في اتجاه الشراكة في انشاء قطب اقليمي حليف لمجموعة البريكس ….
٣-امكان التخلص من القبضة المافيوية الاميركية والخروج من دائرة الذل والاذعان التي ادخلت المنطقة والعالم في صراعات متنوعة وحشية ولا اخلاقية ولا انسانية لانزال نعيشها تقودها مافيات شركات المعلومات والسلاح والنفط والمال …..ولعلها الفرصة الافضل في التوقيت الأفضل للذهاب نحو القرار المستقل ومشاريع التنمية المستدامة لبلادنا وشعوبنا على مرتكزات حضارتنا وثقافتنا لتحقيق ازدهار اوطاننا وشعوبنا ….

ان الوصول الى تحديد الطرق والوسائل و الخطوات التي تجعلنا نحقق هذه الافضليات يفرض على القمة العربية ان تضع على اول بنود اعمالها درس “مشروع ومتطلبات الامن القومي العربي فالاقليمي “لتأخذ كل المباحثات مواقعها فلا تكون ملفات وعناوين متفرقة بل تكون جزءا من كل ويكون بالتالي موضوع تحرير فلسطين كل فلسطين هو المفتاح الاساس لأن وجود الكيان الصهيوني كان المكمل لمشروع التجزئة المتمثل ب سايكس بيكو والذي كان الشرطي الذي يحفظ ويؤمن منع القرار المستقل كما يُؤمن السيطرة على الثروات التي تختزنها المنطقة ويُؤمن ايضا تحويل التجزئة حيث امكن وحيث يجب الى مشاريع صراعات متنوعة تؤمن عدم الاستقرار وتوجب طلب المساعدة الدائمة من المعلم الصانع لهذا المشروع الجهنمي …..
صحيح ان مشاركة سوريا انقاذ للقمة الا ان تقييم القمة لايتم من خلال المشاركين والشكل والرغبات وتسجيل النقاط وانما يتم التقييم انطلاقا من المقاربات التي تنطلق من الامن القومي وانطلاقا من القرارات التي تنسجم وتتوافق وتحقق اهداف هذه المقاربات…………

*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *