أفكار وآراء

مفاوضات واشنطن ـ طهران: حسابات وتوقعات…!!؟

كتب نقيب محرري الصحافه جوزف القصيفي في صحيفة الجمهورية

يقول ديبلوماسي غربي خدم طويلاً في إيران، ويتابع أحداثها منذ سقوط نظام الشاه وقيام الجمهورية الاسلامية، إنّ المفاوضات التي ستجري اليوم السبت في سلطنة عمان بين الوفد الأميركي برئاسة المبعوث إلى المنطقة ستيف ويتكوف، والوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي، ستكون على جانب كبير من ألاهمية، وسترسم نتائجها ملامح المرحلة المقبلة في المنطقة انفجاراً أو استقراراً.

ويضيف هذا الديبلوماسي الخبير، «أنّ مجرد الإعلان عن بدء المفاوضات، ولو غير المباشرة، هو خطوة إيجابية كمرحلة أولى، حتى في ظل الحشود العسكرية المتبادلة من الطرفين». وأضاف مستدركاً: «الأرجح أنّ الحشود هي لتحسين أوراق التفاوض لدى كل منهما، وليس لخيارات غير عقلانية قد تفجّر المنطقة». وسأل الديبلوماسي عينه: «ما هو مضمون المفاوضات وآلياتها، وهل سيكون المطلوب من طهران البرنامج النووي من الناحية التقنية وضمانات عدم إستخدامه لأغراض غير سلمية، أم أنّ المراد استخدام الموضوع كشماعة للوصول إلى ملفات أخرى ؟». ويضيف: «لا مشكلة لدى الإيراني من وضع حدّ لتطور البرنامج النووي. إنما المشكلة تكمن في ربط الجانب الأميركي الملف النووي بأمرين اثنين:

 

1- البرنامج الصاروخي الباليستي.

2- النفوذ الإيراني في المنطقة».

 

ويؤكّد الديبلوماسي: «أنّ إيران في هاجس أن الولايات المتحدة الأميركية تريد سلبها ما تمتلك من قوة، وهي لا تُسقط من ذاكرتها ما أُثير حول أسلحة الدمار الشامل، التي أشاع الإعلام الغربي أنّ الرئيس صدام حسين يمتلكها، وحول الأسلحة الكيماوية في سوريا واستخدامها من جانب نظام بشار الأسد ضدّ الانتفاضة الشعبية على حكمه، وكيف أدّى هذا الأمر إلى إرباك النظامين وزيادة الحصار عليهما، وتبرير اللجؤ إلى القوة العسكرية لضرب العراق وغزوه، وإنهاك سوريا في ما بعد، وإسقاط نظام حزب البعث وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار فيها. وتخشى إيران اليوم أن يتكرّر السيناريو العراقي والسوري، للقيام باستهداف عسكري ضدّها وخلق اضطرابات داخلية في عدد من مناطقها».

أما بالنسبة للنفوذ الإيراني في المنطقة، فلا يُسقط الديبلوماسي من حسابه «أن تطحش واشنطن في سبيل تحجيمه إلى أبعد الحدود، بدليل تناول وسائل إعلامها هذا الموضوع على شكل تسريبات تعزوها إلى مصادر عليمة ومطلعة في الإدارة الأميركية، بغرض تهيئة الأرضية لأي عمليات تعتزم القيام بها ضدّ الجمهورية الإسلامية».

 

ويرى الديبلوماسي إياه، انّه «في حال كانت أجواء مفاوضات اليوم السبت إيجابية، فلا يمنع أن تشهد الجولة التالية مبادرة حسن نية من جانب واشنطن لجهة تخفيف العقوبات وليس رفعها، عن شخصيات وكيانات إيرانية، وربما في موضوع النفط، وإنّ حصول أي تطور من هذا النوع قد يعبّد الطريق أمام الوصول إلى اتفاق. وهذا افضل للطرفين».

وينقل الديبلوماسي عن مسؤولين إيرانيين «أن ليس في عقيدة الجمهورية ما يجيز استخدام السلاح النووي لغايات حربية، وهي لا تنتج سلاحاً لأنّ هناك فتوى دينية تحرّمه. لكنها تمتلك مخزوناً من الأورانيوم كافٍ لإنتاج قنبلة نووية. إلّا أنّه لفت إلى ما سبق أن أشار اليه مستشار مرشد الجمهورية علي لاريجاني في رسالته الأخيرة التي تحدث فيها عن أنّ «استهداف المنشآت النووية الإيرانية سيكون سبباً في تغيير عقيدة الجمهورية الإسلامية من موضوع الإنتاج النووي، وإن فتوى الخامنئي التي حظّرت الإنتاج ستتبدّل».

ويقول الديبلوماسي «إنّ المنشآت النووية الإيرانية باتت على درجة عالية من التحصين، واتخذت كل الاحتياطات للحفاظ على قدرات الحدّ المقبول في حال تعرّضت لقصف مركّز أو غارات جوية عنيفة. وفي حسابات المسؤولين في طهران، انّها ستبقى محتفظة بنسبة 60% من المخزون النووي». ويضيف: «إنّ الصفقة التي يُعمل على إنجازها في سلطنة عُمان، ستكون ـ إذا تمّت ـ في مصلحة الطرفين».

 

وعن انعكاسات ما يجري على دول المنطقة، وخصوصاً لبنان، يعبّر الديبلوماسي عن خشيته من أن تزيد إسرائيل وتيرة الضغط على لبنان قبل الوصول إلى اتفاق أو إخفاقه، فتواصل قصفها وغاراتها الجوية، وسلوك سبيل التصعيد الشامل ضدّ «حزب الله». وإذ أشار هذا الديبلوماسي إلى انّ معلوماته تقول إنّه لا يجوز أن يبالغ أحد في الرهان على ضعف الحزب وتراجعه على كل المستويات، لأنّه سيتفاجأ بما يحتفظ من قدرات، وبأنّه أعاد هيكلته، وهو باقٍ على تعاطيه الإيجابي والانفتاح على الدولة والتعاون معها، لكن الأمر قد يختلف إذا شعر بخطر وجودي سيطاوله، وأنّ عدم تصدّيه حتى الساعة لما يتعرّض له يأتي في إطار قرار وليس اي شيء آخر. وهو ما يجب أن يتنبّه له المعنيون.

في مسقط ترتسم آفاق المرحلة المقبلة، فيما المنطقة على فوهة بركان أو على مرمى طوفان. وكل الاحتمالات واردة، ولكن يبدو أن لا خيوط تُحاك ولا خطوط تُرسم من دون دم ونار.