توسيع دولي لنظام الزبائنية كبديل للاستعمار .. لبنان واللبنانيون يمارسون الزبائنية بلا نظام…
*كتب علي يوسف
يعمد اليسار اللبناني الى وصف النظام اللبناني بالنظام الزبائني كشعار كما و يصف الانتماءات السياسية والانظمة الادارية بالزبائنية ..
ولكن هذا الوصف يأتي بمثابة تدليل على سوء الولاءات ولا يرقى الى مصاف التصنيف وتحديده كهوية سياسية واقتصادية واجتماعية والاسباب والنتائج ومستقبل واحتمالات تغيير هذا النظام وشروط التغيير ووجهته والقدرة على هذا التغيير وموقع هذا الانموذج في الانظمة العالمية والقواعد التي تحكمه الخ … علما ان لبنان واللبنانيون يمارسون الزبائنية دون ان ترقى الى مواصفات نظام …
أبدأ بالتأكيد على ان النظام الزبائني ليس انموذجا لبنانيا فقط وهو بالطبع ليس ممارسة سيئة للسلطة فقط ولا استعمالا مشوها للسلطة وليس نقطة سوداء في “نظام الرسالة”اللبناني ونظام “تلاقي وتفاعل الحضارات ” وهو ليس ناتجا فقط عن النظام الطائفي اللبناني الذي تأتي الزبائنية لتشوّه مآثره الحوارية ..؟؟
واستطيع ان اؤكد ان النظام الزبائني هو من اقدم الانظمة الانسانية للسلطة وهو من اقوى الانظمة العميقة لعدد كبير من انظمة السلطات والدول …
ولا بد من القول ان معظم الانظمة في العالم هي انظمة زبائنية باستثناء انظمة مواطنة في بعض الدول الغربية والتي تنحصر المواطنة في انظمتها الداخلية لتعود الى الزبائنية في علاقاتها الخارجية ….
النظام الاستعماري والانتدابي هو نظام زبائني .. والنظام الدكتاتوري هو نظام زبائني والنظام الشمولي هو نظام زبائني والانظمة الدينية والطائفية هي انظمة زبائنية والانظمة الملكية والاميرية وما شابهها هي انظمة زبائنية ..
كل انظمة السيطرة الاقتصادية والمعلوماتية والمالية هي انظمة زبائنية بعضها على نحو كلي وبعضها على نحو جزئي وفقا لمقتضيات السيطرة …
واذا تعمقنا اكثر نستطيع القول ان انظمة المؤسسات الدولية وقوانينها هي انظمة زبائنية كونها تخضع لمعايير متنوعة وفق مقتضيات وسياسات الدول الكبرى ويتم فرضها على الدول التي تسمى دول العالم الثالث عبر شروط اخضاع تختلف بحسب التوازنات والسياسات وليس بحسب الحاجات والحقوق …
كل انظمة المساعدات الدولية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تخضع لمعايير النظام الزبائني كونها تُخضع الدول لشروط لا تُحدد بحسب الحاجات وانما تُحدد بحسب السياسات كون الموافقة على هذه المساعدات ترتبط بموافقة المافيا الاميركية التي تحكم الدولة المسيطرة على النظام المالي العالمي والتي تستخدم هذه المساعدات لربط الدول في استراتيجياتها السياسية والاقتصادية ..
عندما يُقدم البنك الدولي برنامج مساعدات للفئات الفقيرة وما يُسمى بتعريف الزبائنية الفئات الهشة الا يُشكل ذلك اخضاعا للفئات الاوسع في المجتمعات التي جُعلت فقيرة الى نظام الاعاشة الذي هو ابرز اشكال تنفيذ وتعزيز النظام الزبائني الذي يُخضع فئات واسعة في المجتمع لرغبات من يعيلهم وسياساته بغض النظر عن كون هذه السياسات تهدف الى تدمير وتفتيت دولتهم و السيطرة على مقدراتها وثرواتها … اليس نظام الحسنات والاعانات ابرز انظمة وقواعد النظام الزبائني…
اليس نظام الحمايات و ما يُسمى كذبا معاهدات الدفاع المشترك بين انطمة ضعيفة ودول كبرى هي من قواعد النظام الزبائني ؟؟؟؟؟
انطلاقا من كل ذلك نستطيع القول ان النظام الزبائني هو نظام سيطرة و حيث ما وُجدت سيطرة او تبعية او حماية او اعاشة ومساعدات وكذلك عقوبات فنحن في عمق النظام الزبائني…..
كما نستطيع القول ان الدول المتقدمة وان كان بعضها يتمتع بنظام مواطنة في الداخل ذاهب نحو الانهيار التدريجي بفعل الازمات الاقتصادية الدولية و مسار التغيرات الكبرى كل هذه الانظمة تعمل وتُشجع و وتستعمل ادوات الفرض لتوسيع النظام الزبائني على المستوى الدولي كونه اداة سيطرة بديلة للاستعمار المباشر وبأقل كلفة ….
نصل الى القول بضرورة استبدال وصف النظام بالنظام الزبائني كشتيمة الى اعتبار هذا الشكل توصيفا لنظام هو الاوسع دوليا وهو نظام خضوع وتبعية يتم توسيع اعتماده وآلياته كبديل للسيطرة الاستعمارية المباشرة ..
بل يمكن القول ان آليات الاخضاع المستعملة (المساعدات والاعاشات والحسنات )تجعل من كل من يُحاول مواجهته وكأنه يُضر ّ بمصالح الدولة والشعب والاقتصاد الوطني ؟؟!!!!!!
ولذلك وجب اخذ الموضوع بالعمق الذي يستحق والخروج من دائرة الشعارات الفارغة الى الدرس المعمق لوسائل مواجهة تأخذ بعين الاعتبار الامن القومي والجغرافيا السياسية …
ولعل ما يجري في مسار التغيرات الحاصلة تحت شعار تعدد الاقطاب يشكل فرصة لبرنامج تحرير بكل المعاني واهمها الارادة الوطنية و التشبيك تحت سقف الاستقلال والتوازن وتبادل الافضليات لتحقيق قطب تنمية اقليمي ….وللحديث تابع للتقدم في هذا الموضوع …
*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين