مسيرة زعيم تحت المجهر.. 46 عاما من التماهي مع المشروع الإسرائيلي!
كتب عادل محمد حاموش
من قبيل الصدفة أن تتماهى مسيرة أحد السياسيين اللبنانيين على مدى 46 عامًا مع مواقف العدو الإسرائيلي؟ وقد أثبتت الأيام والتجارب والرهانات على مدى الأعوام المنصرمة أن هذا المسؤول السياسي اللبناني لم يحد قيد أنملة عن خدمة أهداف هذا العدو التلمودي في لبنان.
إذ لا يمكن وصف الإعجاب الذي أبدته صحيفة *يديعوت أحرونوت* بشخص هذا الزعيم إلا من باب الرضا عن دوره في الساحة اللبنانية، والرضا من المشغّلين عن المنهجية (*methode*) التي يتبعها هذا الزعيم الكبير على مدى السنوات الست والأربعين، والتي تتلخص بانتظار ما ستفعله إسرائيل ليضرب ضربته بعدها، فيلاقيها ويثبت بذلك نتائج خطواتها. على سبيل المثال، ما فعله هذا الزعيم في الجبل وشرق صيدا.
وفي متابعة دقيقة للسجل التاريخي، يتأكد ما ذكرناه عن الارتباط الوثيق بالمشروع الإسرائيلي والرهان الدائم على الاستقواء به ضد الشركاء في الوطن.
وبالعودة إلى سرد تاريخي، يحق لنا أن نسأل هذا الزعيم الوطني الكبير، المتّبع للمنهجية الإسرائيلية: هل من الصدفة أنه على مدى 46 عامًا تماهت كل أفعاله السياسية والعسكرية مع سياسة تقسيم لبنان، الهدف الأسمى لإسرائيل؟ وعليه، سنسرد بعض الوقائع التي ترتبط بحادثة ليست بعيدة زمنياً وتثبت أن هذا الزعيم مستمر في سياساته الخادمة لإسرائيل.
ظهر اسم هذا الزعيم لأول مرة عند قيادته الهجوم الليلي على إهدن في 13 حزيران 1978، حيث قُتل 33 من سكانها، بينهم النائب طوني سليمان فرنجية وزوجته فيرا وابنته جيهان. فمن المستفيد من هذا الهجوم؟ إسرائيل، التي استفردت بقلب لبنان عبر “دعمها” لما تبقى من “الجبهة اللبنانية” بعد خروج الرئيس سليمان فرنجية منها.
وفي أواخر صيف 1983، قاد هذا الزعيم “حرب الجبل”، مما تسبب بمقتل الألوف من اللبنانيين وتهجير عشرات الآلاف وتدمير آلاف المنازل والصروح الدينية. فمن المستفيد؟ إسرائيل، التي تمكنت من دق إسفين بين اللبنانيين يصعب نزعه لسنوات طويلة.
أما “جوهرة التاج” في خدماته لإسرائيل فتجلّت بين 1988 و1994، حيث بدأها بالهجوم على رفاقه في حزب الكتائب الموالين للقيادة الحزبية، وصولاً إلى إرسال مجموعات القتل وزرع القنابل الموقوتة في الشوارع والصروح. أدت هذه الأعمال إلى مقتل بعض المستهدفين مع زوجاتهم وأطفالهم، بالإضافة إلى سقوط العديد من الضحايا من عابري السبيل. واختتم هذه الفترة بشن حرب على الجيش اللبناني، كادت أن تقضي على ما تبقى منه. استفادت إسرائيل من كل ذلك بعرقلة مسار التعافي في لبنان بعد اتفاق الطائف.
نتيجة لهذه الأفعال، دخل هذا الزعيم السجن تحت غطاء أميركي-سوري، وخرج منه عام 2005 ليواصل خدمة مصالح من؟ طبعاً مصالح إسرائيل، حيث لا يزال يتبنى كل ما يفيدها، متقلباً ومتلوناً حسب ما تقتضيه الظروف، وصولاً إلى يومنا هذا، حيث يتبنى مواقف أشد المسؤولين الإسرائيليين تطرفاً دون مواربة.
ورغم أن كل ما سبق يمكن أن يندرج تحت مبدأ “عفا الله عما مضى” في إطار الحرب الأهلية والمصالحة الوطنية، إلا أن ما أثار الانتباه مؤخراً هو ما تردد من تحليلات عقب زيارة أحد سفراء الدول الخمسية لهذا الزعيم، ومحاولته إقناعه بالمشاركة في الحوار الذي دعا إليه الرئيس بري. لكن تفجير العبوات الناسفة (*pagers*) في 17 أيلول 2024 عزّز قناعة هذا الزعيم باقتراب اجتياح إسرائيلي للبنان، ما دفعه إلى التراجع عن المشاركة في الحوار، اعتقاداً منه بأن ذلك سيغير ميزان القوى الداخلي لصالحه بفضل إسرائيل.
لكن، بفضل الله ورجاله في الميدان، ستنتصر مقاومتنا، وسنمزق أحلام هذا الزعيم.