Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the all-in-one-seo-pack domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/haidyolj/lebanonlightsnews.com/wp-includes/functions.php on line 6114

Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the arabic-webfonts domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/haidyolj/lebanonlightsnews.com/wp-includes/functions.php on line 6114
أزمتنا الغذائية ….وتأثيرها على العائلة -
أفكار وآراء

أزمتنا الغذائية ….وتأثيرها على العائلة

بقلم الأستاذة هيام فرج

عندما نتكلم عن المطبخ اللبناني , سرعان ما تخطر على بالنا صورة مائدة الطعام لدى العائلة اللبنانية التي تشتهر بغنى أصنافها وتعدد أطباقها بدء” من ” صحون المقبلات ” المتنوعة وصولا الى أطباق الحلوى في آخر وجبة الطعام . مائدة الطعام هذه الجامعة للعائلة , والأقارب , والأصدقاء , التي تُمدّ في كل مناسبة كمائدة رمضان , ومائدة الاعياد ,ومائدة الميلاد,ومائدة رأس السنة , ومائدة الأحد , ومائدة الجمعة … او تجعل من ولائمها هي المناسبة بحد ذاتها . يتحلق الجميع حولها يأكلون ويشربون . يمزحون , ويضحكون , يستعرضون آراءهم في الحياة والأدب والسياسة والعمل , يسترجعون ذكريات مضت ,و يحلمون بغد آت .مائدة تجمع الكل حولها كبارا وصغارا , كهولا وشبابا

ومن شاهد فيلم ” غدا العيد ” مثلا واعمالنا التلفزيونية والسينمائية زاخرة بمشاهد مائدة الطعام العائلية -للوسيان أبو رجيلي سيرى بأم العين أهمية مائدة الطعام للعائلة اللبنانية . فعلى هذه المائدة أيضا تظهر خلافاتنا وتعارض آراءنا , وسيرى تلك المشكلات الحقيقية المستترة خلف المشكلات الظاهرة, وسيستنتج أن مائدة الطعام عند العائلة اللبنانية  مكان للمصارحة وأحيانا للمصالحة

وعندما نذكر المطبخ اللبناني نتذكر كل اولئك الطباخين المشهورين الذين كنا نراهم على شاشات التلفاز يتنافسون على قنواتنا اللبنانية , اولئك الذين جعلوا من الطبخ فنا , وحرفة تجذب جماهيرا عريضة , كالشيف رمزي والشيف انطوان والشيف شادي والشيف ريشار وصولا الى تيتا لطيفة . ولم تكن مسابقات أكبر صحن حمص , وأكبر صحن تبولة , وأكبر ساندويش شاورما ….وغيره الا تشجيعا على ” سياحة الطعام ” وتمجيدا” لمائدتنا .

حلت علينا الأزمات المتلاحقة وأرخت الأزمة الإقتصادية بظلها الثقيل على يومياتنا وتأثر مطبخنا , وبالتالي تأثرت العائلة ,وتأثرت عاداتنا وتقاليدنا , بل تأثرت بيئتنا الاجتماعية ككل , حتى تكاد الفترة السابقة لحاضرنا هذا أن تكون حقبة تاريخية نستحضرها في أوقات الحنين لرفاهية مضت . فلطالما كان الغذاء بالنسبة لمجتمعنا دلالة على بيئتنا الاجتماعية المترابطة بفعل استهلاك الطعام بحيث أصبحت المائدة تشكل هذا الرابط العاطفي والتاريخي بين أفراد العائلة وبالتالي بين أفراد المجتمع .

وبدأت تظهر نتائج هذه الأزمات وتتراكم , فالأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والانخفاض الكبير لقيمة العملة غيرت في نظامنا الغذائي فتقلصت أصناف الطعام , وبعض الأنواع اختفت عن المائدة لغلاء أسعارها كحبشة عيد الشكر مثلا كونها تسعر بالدولار – وبالتالي انعكس هذا التغييرعلى عدد المدعوين من أفراد العائلة وعلى عدد مرات اللقاءات حول المائدة وبالتالي على بيئتنا الاجتماعية ونحن على أبواب شهر رمضان , الشهر العائلي بإمتياز-, والتأثير الكبير ظهر في معادلات بين طبقتي المجتمع بعد أن كنا مجتمع متعدد الطبقات : الطبقة القادرة والطبقة الغير قادرة , طبقة قادرة على دفع رسوم بدل الاشتراك في مولدات الكهرباءوبالتالي الحفاظ على صحة تخزين غذاءها وطبقة غير قادرة , طبقة قادرة على التعلم في المدارس والجامعات الخاصة وطبقة تناضل في المدارس والجامعة الرسمية , طبقة تسافر بالطائرات للسياحة والاستجمام وطبقة تخاطروتهرب من البلد في قوارب الموت , طبقة قادرة على مد الموائد استعراضا , وطبقة عاجزة عن لملمة العائلة على مائدة الروابط الاسرية .

ما نواجهه اليوم ليس أزمة انخفاض بالدخل , ولا انخفاض في الموارد ,ولا تحدي لخلق لائحة طعام جديدة ولا استبدال أصناف بأصناف أخرى , بقدر ما نواجه تحديا جديا لتغيير روابطنا العائلية وعاداتنا الاجتماعية عبر مائدة الطعام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *