التركيب التوافقي التقاطعي ابداع استعماري ملاقاة المتغيرات تفرض مشروع وطن ..
*كتب علي يوسف
من ينظر الى تكوين لبنان التقاطعي طائفيا وسياسيا واقتصاديا ومعيشيا والذي جاء بمثابة ابداع لتقاطع استعماري انكليزي – فرنسي تحت عنوان ومسمى “رسالة وتمازج حضارات وثقافات ” يفهم بالطبع عمق معنى “التقاطع” في الفكر اللبناني وعمق معنى الحوار الدائم على كل صغيرة وكبيرة وعمق معنى ضرورة التوافق وعمق انتظار الحلول للمشكلات من الخارج وعمق مفهوم وقناعة الاستيراد والأهم عمق فكرة قبول ان هذا هو لبنان وان لا لبنان على غير هذا النحو ..
كما ان النظر في هذه التركيبة يجعلنا نفهم حجم تأثرها الكبير على صعيد الاستقرار بأي اختلال او اهتزاز عربي او اقليمي او دولي ..
فهذه الدولة المركبة تتناقض في اهم نقاط مرتكزات الدولة وهي : الامن القومي والتاريخ والحضارة والثقافة ورؤية الحداثة ..
وكان بمكن ان بؤدي حواراً جدياً حول هذه المسائل الى الوصول الى رؤية موحدة تنطلق من الامن القومي والتعايش الحقيقي لا الشعاري ومن الجغرافيا السياسية بمايُحدد الهوية والانتماء والرؤية المستقبلية والدور …
ولكن وللأسف كانت الحوارات دائما تنطلق اسبابا وممارسة واهدافا من مرتكزات التكوين وتراعي حدودها فترتبط حكما باستيراد المشكلات والحلول وتؤكد ضرورة المرجعيات الدولية او الاقليمية او العربية وفقا لواقع الاولويات وطبيعة الصراعات مع المحافظة دائما على تأكيد الخلافات والتوافق التقاطعي ..
وكل ذلك خوفا من ذوبان “النوع ” المتنوع الانتماءات طائفيا ومناطقيا وحتى عائلياً ومرجعيات متحركة !!
الا ان اكثر ما تظهر فيه وحدة اللبنانيين هي قوة الرغبة في الحفاظ على التقاطع التكويني والعصبية القبلية في الممارسة السياسية وصولا الى المشاريع الانتحارية التي تصل الى حافة الموت ولا تدركه …
طبعا يحتاج تفصيل وتوجهات “الانواع” الى شرح مُطوّل .. إلا انه من الضروري التأكيد ان المشاريع الانتحارية وعصبيات الحفاظ على النوع والتي كانت تظهر وكأنها تمسكاً بلبنان باتت قاصرة عن فهم المتغيرات الكبرى التي يتجه العالم اليها والتي من المرجح ان تدمر “الابداعات ” الاستعمارية في منطقتنا وفي غيرها وتخلق واقعا جديدا ..
ولا يكفي ان تكون قوى لبنانية تملك رؤيا هذه المتغيرات وتنبّه اليها وتحبذها او ان تكون جزءا من تحالفات مسقبل محتمل ولكنها في المقابل تحافظ في ممارستها السياسية على القواعد المتبعة” حوارا وتوافقا وتقاطعا” .. بل عليها ان تذهب الى الدعوة لمشروع واضح يتلاءم مع نظرتها المستقبلية للبنان الوطن المرتكز الى قواعد الدولة الثابتة التي تتحرك بتوجه موحد لتأخذ موقعها انطلاقا من هوية واحدة وانتماءا واحدا وليس هويات وانتماءات متقاطعة توافقيا ……
لنُصرّ على الذهاب نحو الوطن بمشروع وطن ..
ولنكن جزءا من المتغيرات مهما كان حجمها واتجاهاتها بدل ان نترنح وسط رياحها ….
*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين