في ذكرى 14 شباط 2023 إلى سعد الدين رفيق الحريري
بقلم المحامي توفيق أنيس كفوري
(نائب رئيس مجلس بلدية بيروت السابق)
تقِفون اليوم على حافّة ضريح ذلك الكبير، الذي أُوقِع عن صهْوة ذروة طموحِه يومَ قرّر الخروج من الغابة إلى الغياب … و الذهاب وحيداً إلى مواجهة التنّين .
كأننا نراك اليوم لأول مرة، تعلن فيها من قلب تلك الأنوار المُنْبعثة من صدرك المُتعب و من عينْيك الحزينتيْن نهايةً لغيابك و لأزمنةٍ سوداء كانتْ حتى الأمس القريب روزناماتِ قراصنةِ الموت و سماسِرة دماءِ الشهداء.
أكبرُ من كل القصور التي بناها رفيق الحريري هو ذلك الهيْكل السرّي الذي أنشأه لبقائه فيك .. وفينا.
أهو سِرُّ الخلق أم سِرُّ ذلك الدم المُلتحم بدمك منذ الولادة، و المتماهي مع وجودك فِكراً و روحاً معنا رغم الغياب ؟!
فأنت منذ أن قفزْتَ إلى صهوة قدرك لتمْتشِق سيْف قرارك، قد مثّلت لنا كل ما أراده صاحبُ الهيكل، وما تمنَّع عن إعلانه في مزادات رِقِّ الكلمة و في عصور سبْيِها و محاولات إعدام روحها.
لم يُقتل رفيق الحريري يوم فجَّروا جسده، هو الذي تمرَّد على سياق ال” نعم ” الراضِخة و عشوائيّة التملمُلات و الإرتكابات المتهورة التي سبقت وقفته الشامخة… في مرحلةٍ مفصليَّةٍ نادرة ما تزال تَتَسبَّب بتلك الإنتِفاضات المُدهشة التي تستطيعها الحرية.
برئاسة حكومةٍ أو بعدمِها، سوف تظلّ بحق عنوان و مقصد أكثريَّة الشرفاء…
يكفيك أنك إبن عاشقٍ للبنان، إمتزجت أرجوانيَّة دمائه، في يوم عيد عشَّاقٍ تاريخيّ، بألوان و مشاعر و أحاسيس و معاني كل الزهور الحمراء التي سوف يُنبتها ترابنا كل ١٤ شباط على مدى الأجيال.