تمثال لهولاكو في حديقة الكونغرس
كتب نبيه البرجي في جريدة الديار:
لماذا لا يقام تمثال لهولاكو في حديقة الكونغرس اذا ما لاحظنا الشيوخ والنواب , يصفقون وقوفاً لبنيامين نتياهو , وقد اغتسل بالدم ؟ ولكن هذه هي أميركا التي ترعرعت على ثقافة الاجتثات , يوم كان رعاة البقر يفاخرون بابادة الهنود الحمر , وعلى ثقافة العبودية , وكانوا ينقلون الزنوج في قعر السفن لتأكل الجرذان وجوههم , وحتى أرواحهم .
رشيدة طليب , النائبة الديمقراطية صرخت في وجهه “مكانك في الزنزانة , وليس هنا” . لو كانت هناك عدالة في هذا العالم , ولقد سقط رهاننا , من زمن قايين وهابيل , على العدالة الالهية , لوضع كل الذين وقفوا , وصفقوا , وراء القضبان , وحتى وراء التاريخ . ولكن متى كان لأي أمبراطورية , حتى ولو وطأت القمر , وحتى لو زرعت علمها على سطح المريخ , أن تتمتع بالحد الأدنى من الحس البشري . أنظروا الى رؤساء أميركا . هل يمتون بأي صلة الى الكائن البشري …؟
بالمال وبالبروباغندا , فضلاً عن السياسات اللولبية (ثقافة الدهاليز) , يصل معظم أعضاء الكونغرس الى مقاعدهم , ليشرّعوا باسم يهوه لا باسم المسيح . ولنسأل , في وجه المقامات الروحية التي تفادت , عبر قرون , طرح هذا السؤال : “هل لاحظتم منذ أن انتقل البيوريتانز (الطهرانيون) من أنكلترا الى الضفة الأخرى من الأطلسي , أنهم لم يحملوا معهم عبارة واحدة , أو رمزاً واحداً , من الانجيل ؟”
اخترقوا العقل الأخر , واستوطنوا هذا العقل , حتى عقول من صاغوا الدستور (وقد وصفهم ريمون آرون بـ”الأنبياء السبعة”) بالنصوص والرموز التوراتية , وقد نشروها , أثناء تجوالهم بين الجماعات التي كانت تبحث , على صهوة الخيول , على الذهب لا على الله .
كان ينقص أن يرفعوا نجمة داود على قبة الكابيتول . منذ القرن السابع عشر , لم يتوقفوا لحظة عن تهويد أميركا . عودوا الى الحملات الانتخابية الرئاسية . هل يترشحون باسم أميركا أم باسم اسرائيل ؟ كلنا نتبع واشنطن , وواشنطن تتبع أورشليم .
لماذا دعوة بنيامين نتنياهو , وليس أي رئيس آخر , لالقاء كلمة في الكونغرس , وفي ذروة الساعة الانتخابية , ليقول للأميركيين “أنتم شركاؤنا ونحن شركاؤكم ” . حتماً الشركاء في صناعة العار .
من تلك الأميركا التي تتحكم حنى بدوران الكرة الأرضية ؟ لكأنها لا تلاحظ أن كل مساعداتها , ومساعدات , المانيا (التي تخلت عن كل تراثها الفلسفي الفذ) , وبريطانيا , وكندا , الى ذلك الرجل الذي لم يتمكن , وطوال تلك الأشهر , من ازالة المقاومة من أرض ضيقة , ومحاصرة . اذاً ما الداعي لكل تلك الحفاوة التاريخية برجل لا يتقن سوى الرقص بين الجثث ؟
الآن , قال جو بايدن “أنا لست بطة عرجاء” . هل يتجرأ , وقد بات طليق اليدين , أن يمنع ارسال , ولو جزء من المساعدات المالية (27 مليار دولار) , الى اسرائيل ؟ لو فعل ذلك لدفنوه حياً …
ولكن ألم يلاحظ المعلقون أن الأداء السياسي , والعسكري , في غزة كان فضائحياً . بعد سقوط أكثر من 40000 قتيل , وأكثر من 70000 جريح , ماذا حققت الحرب سوى حفر القبور . في النهاية , لن تكون بانتظاره بطانية الصوف التي التف بها استاذه مناحيم بيغن . الزنزانة في انتظاره . زوجته سارة أعدت حقائب السفر . “بعدنا ستحترق اسرائيل” .
ينبغي أن نظهر امتناننا لنتنياهو . لولاه لما رأينا , بالعين المجردة , الأسطورة الاسرائيلية (مقلاع داود مقابل سيف ورمح ودرع جلعاد) وقد سقطت تحت أقدام الحفاة , والقتلى , في غزة .
لا اسرائيل دون أميركا . كوميديا أم تراجيديا القرن ؟