أفكار وآراء

القوى المسيحية» والانتخابات البلدية

كتب نقيب محرري الصحافه جوزف القصيفي في صحيفة الجمهورية

المعركة الأساسية التي تتحضّر لها القوى السياسية المسيحية من أحزاب وتيارات وشخصيات مستقلة وافدة من زعامات تقليدية أو رجال أعمال يبحثون عن موطئ قدم لهم على رقعة الشطرنج السياسي، هي الانتخابات النيابية في العام 2026. إلّا أنّ ثمة من يعتبر أنّ الانتخابات البلدية والاختيارية ستكون «البروفا» التي يمكن أن توفّر «الداتا» التي تمكّن هذه القوى من بناء حساباتها.

لكن العامل العائلي في هذه الانتخابات يضطلع بدور مفصلي، يجعل مقاربتها من القوى السياسية على درجة عالية من الحساسية، لأنّ نتائجها، وإن كانت تصبّ في مصلحة بعضها، فإنّها أيضاً قد تحمل سلبيات لا تكون في الحسبان، وتعود عليها بالخسارة، أو على الأقل تُترجم تراجعاً على الأرض. من هنا يرى المراقبون أنّ بعض الأحزاب والقوى تتحالف مع العائلات ذات الحيثية الشعبية، أو الزعامات التقليدية التي لها حضورها البارز لدى العائلات، كمثل ما يحصل في جونيه وجبيل وزحلة وجديدة المتن على سبيل المثال. وأحياناً قد تقتضي الضرورة أن تتوسع التحالفات لتشمل كل الأضداد. لكن يُخشى أن يؤدي ذلك مستقبلاً إلى خلل في عمل البلديات، يفضي إلى شلّها بسبب التناقضات التي قد تبرز. وبالتالي، فإنّ النواب الذين دخلوا طرفاً في بعض المناطق لن ينجوا من سلبيات التداعيات التي ستخلّفها نتائج الانتخابات النيابية والاختيارية. وستُظهر الأيام المقبلة كيف أنّ تسييس الاستحقاق البلدي والاختياري من دون ضوابط واحترام للخصوصيات، سيؤثر على من شاء أن «يغطس» كلياً في تفاصيل هذا الاستحقاق من دون أن يحسب حساباً لما بعد.

وفي الوقت الذي تحبّذ القوى السياسية تحالفات واسعة وعريضة تخفف من وطأة التنافس، فإنّ بعضها وعلى رغم من تحبيذه هذا المنحى، لا يتأخّر- إذا سنحت له الفرصة- في عزل قوى معينة وإخراجها من المشهد البلدي، كما يحصل مع «التيار الوطني الحر» الذي تسعى «القوات اللبنانية» وأحياناً «الكتائب» في معظم المناطق، إلى إقصائه. لا شك أنّ المبادرة في هذا الاستحقاق هي في يد «القوات اللبنانية» التي تشير حساباتها إلى أنّها ستكون المنتصرة من بين كل القوى المتنافسة على الأرض، وأنّها ستوظف الواقع الذي سيستجد على الأرض في الاستحقاق النيابي المقبل. وهي تنتظر نتائج الاتصالات في ما يتعلق بانتخابات بلدية بيروت والمخارج المطروحة لتحقيق المناصفة، لكي تبني على الشيء مقتضاه.

 

ويبدو واضحاً أنّ القوى المسيحية على اختلافها تحاول أن تتماهى مع الحالات العائلية والحيثيات الاجتماعية المعتبرة في محيطها، لتخفيف ما أمكن من الضغوط التي يمكن أن تتعرّض لها من الطامحين.

وخلاصة القول، إنّ ما يحكى عن الإنماء، هو في الواقع نوع من «الفولكلور» الذي يصاحب كل استحقاق بلدي، وغالباً ما يكون من باب «لزوم ما لا يلزم»، لأنّ التسويات الحزبية والعائلية تتجاوز الانماء، خصوصاً أنّ هناك استحقاقاً آخر، ألا وهو انتخابات إتحادات البلديات، التي يُتوقع أن تكون أشدّ ضراوة.