أفكار وآراء

وأد باسم الكرامة

وأد باسم الكرامة
راوية المصري..

كم تشوّهت كلمة شرف…. التي كانت يومًا مرادفًا للكرامة والصدق والعزة، صارت سيفًا يُشهر في وجه النساء وحدهن.
نرددها منذ الطفولة كما لو كانت مقدسة، لكنها ما لبثت أن تحولت إلى أداة قمع، تُمارَس باسمها أبشع الجرائم، وتُسكب بسببها دماء بريئة.

في مجتمعاتنا، اختُزِل الشرف في جسد أنثى، وفي غشاء بكارة لا يعلمون أنه قد لا ينزف أصلًا، فيُذبحن ظلمًا ويُدفنّ بعارٍ لم يرتكبنْه، بينما القاتل يتباهى بـ”طهارته”، ويُبارَك له فعله المشين.

في الغرب، الشرف أن تكون نزيهًا، أن ترفض الفساد، أن تحترم القانون. أما عندنا، فلا يُسأل الرجل عن سلوكه، بل يُصبّ كلّ الحقد على المرأة، لأنها وحدها في مرمى الاتهام، وحدها مطالبة بأن تمثّل العائلة بأكملها.

أي بؤس هذا الذي يجعلنا نغفر للسارق ونُكرم الكاذب ونقتل البريئة؟! أليس من العار أن نخوّن امرأة لأنها أحبّت، ونصمت عن مسؤول نهب وطنًا؟!

أليس من الشرف أن تكون حرًا، عادلًا، صادقًا، أمينًا… لا قاتلًا؟
المرأة ليست ظلًا ولا عورة. إنها أمك التي أعطتك الحياة، أختك التي ساندتك، زوجتك التي اقتسمت معك التعب، ابنتك التي ترى فيك العالم. ومن يحتقرها، يحتقر الحياة نفسها.

لقد آن الأوان أن نحرر “الشرف” من قيود الجهل، ونمنحه معناه الحقيقي: إنصاف، كرامة، عدالة. فالعار الحقيقي ليس في جسد امرأة، بل في عقل رجل يقتل باسم الرجولة…