مواجهة السيطرة الاميركية تبدأ فكرية… الانتصارات العسكرية تحسن شروط العلاقات … مؤقتا ….. الشعارات العامة اهم ادوات السيطرة…
*كتب علي يوسف.
من اجل وضع الامور في نصابها وبعيدا عن الاوهام يمكن القول ان الولايات المتحدة الاميركية سيطرت وما تزال تسيطر على القرار الدولي بفعل ٣ عوامل :
-الاول انها ما تزال تسيطر على النظام المالي العالمي وادواته … وما ينتج عن ذلك من قدرة على التحكم بالاقتصادات العالمية ….
والثاني انها ما تزال تسيطر على مؤسسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وما يؤدي اليه ذلك من قدرة على السيطرةعلى كل وسائل العلاقات والمعرفة البشرية فكريا واقتصاديا واجتماعيا وعلى مختلف ما يتضمنه الملف الاجتماعي من علم ومعرفة وصحة وصولا الى التسويق الفكري الذي يستطيع تدمير حضارات او على الاقل اعطابها …
والثالث هو ضرب العمق الفكري الذي كان يصنع الفلسفة وتصنعه الى التسطيح الفكري وتعميم العموميات التي يمكن ان تظهر انها توحد ولكنها تحمل في طياتها كل عناصر التفتيت والانقسام… والتي يمكن ادارتها في اتجاهات متناقضة عبر السيطرة على النظام المالي وعلى نظام ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ….
ومنذ ماسمي ثورة برتقالية حيث تحول مضمون الثورة الى لون بدل البرنامج بدأ التسطيح الفكري يفعل فعله في العالم ….وبدأ انشاء اطاراته التنظيمية اي المؤسسات غير الحكومية (NGO)التي نمت على حساب الاحزاب لتحمل شعارات بدل البرامج …و بدأ استخدامها وفق الضرورة وعبر ادارة تمويلية دولية يمسك بها النظام المالي كمساعدات !!!!
ويمكن القول ان جميع الشعارات العمومية التي لا تحمل مضامين محددة هي ادوات مساعدة لمشروع السيطرة الاميركية حتى لو كانت تظهر احيانا وشكلا انها مضادة لهذه السيطرة ،كونها في العمق هي استعمال لادوات ممسوكة السيطرة …..
ومن ابرز الامثلة كل الشعارت السياسية في لبنان والتي كانت ادوات التفتيت اللبناني الذي يسهل تفتيته بفعل نظامه الطائفي الانقسامي الحصصي الزبائني …….
ومن هذه الامثلة مثلا شعارات : الدعوة للحوار من دون مشاريع محددة ،ولو كانت مختلفة ، لهذا الحوار …. الاصلاح من دون تحديد ما يجب اصلاحه وكيف وكيف يجب ان يكون…. التغيير من دون تحديد ما يجب تغييره وكيف يجب ان يكون ولماذا ….. وقف الهدر من دون تحديد اين الهدر وكيف نوقفه …
وحتى لا أطيل سأكتفي بتسمية بعض الشعارات البراقة وكلها من دون تحديد مضامين محددة لها وتقتصر على طرح المشلات لاستخدامها في الوصول الى الفوضى عند الضرورة : الحقيقة.. عدم الافلات من العقاب .. محاربة الفساد.. الطغمة .. كلن يعني كلن …الخ…
ناهيك عن الشعارات الاقليمية وشعارات التدويل الخ………
للاسف نحن فكريا وعمليا في العصر الاميركي وبداية الخروج الفعلي منه يجب ان تبدأ بمراجعة فكرية …. ويجب القول للاسف ايضا ان جميع القوى المناهضة للهيمنة الاميركية لا يمكنها ان تتخلص من هذه الهيمنة بالقوة العسكرية بل بالمراجعة الفكرية التي تضرب ادوات السيطرة وتُنشىء بدائل لها ..وان اقصى ما يمكن ان تفعله الانتصارات العسكرية من دون الانتصار الفكري هو تحسين الشروط في العلاقات وهو تحسين لا يدوم طالما القدرة على اعادة تفريغ مضامينه متوافرة في التحكم بالانظمة ………
*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين