تكنولوجيا واقتصاد

مدير الشؤون المالية في مجلس النواب الدكتور أحمد اللقيس: تعافي لبنان الاقتصادي واستقرار الليرة فيه ممكن بالتعافي السياسي.

حوار الصحافية لينا وهب

على الرغم من سوداوية المشهد الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، يطرح الدكتور أحمد اللقيس،الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية والخبير الاقتصادي،ومدير الشؤون المالية في مجلس النواب، رؤيا اقتصادية في فحوى التعافي الاقتصادي انطلاقا من التعافي السياسي الذي يراه اللقيس قاب قوسين أو أدنى خلال الشهور القادمة إذا ما تم تطبيق الرؤيا التي يتحدث عنها في هذه المقابلة.

في هذا المضمار، يبدي اللقيس تمنياته لو أنّه كان بالإمكان فصل الاقتصاد عن السياسة في لبنان، ولكن واقع الحال مختلف، فلا يخفى على أحد بأن السياسة في بلدنا تدخل في الاقتصاد وفي كلّ شيء، على الرغم من أنه من أنجع الحلول في الاستقرار الاقتصادي هو إبعاد السياسة عن الاقتصاد.
ويقول “نحن في لبنان لدينا دمج بين عمل رجال السياسة وعمل رجال الاقتصاد، فكثير من السياسيين هم رجال أعمال ولديهم مؤسسات إما تربوية أو اقتصادية أو صحية”، وكذلك رؤوساء الحكومات (الحريري وميقاتي) “جميعهم لديهم أسهم في المصارف ومن مصلحتهم استقرار الليرة، ولكن السياسة طغت عليهم بسبب التدخل الخارجي، ولولا ذلك فإنه لم يكن أحد يخطط للوصول إلى الأزمة التي نعيشها اليوم”.
ويضيف “إن تصاعد سعر صرف الليرة من 1500 إلى ما فوق ال40 الف ليرة خلال عامين رقم خيالي جدًّا، وهذا يعود لأسباب سياسية في معظمها، ولا يمت للأسباب الاقتصادية بصلة”.
وأردف “قيمة الليرة الحقيقية كحدّ أقصى عشرة آلاف ليرة لبنانية، ولو أنهم يسمحون للاقتصاد بأن يأخذ دوره من دون أي تدخل من أي جهة سياسية، فإن سعر الصرف يهبط إلى نسبة تتراوح ما بين 10 إلى 15 آلاف ليرة لبنانية فقط”. ثم شرح “أزمة سعر الصرف مؤقتة ولن تستمر طويلاً مؤكدًا حصول استقرار في سعر الصرف قريبًا، لأن السياسيين أنفسهم لم تعد من مصلحتهم أن يرتفع سعر الصرف أكثر من ذلك، خوفاً من التداعيات السلبية على الاقتصاد التي قد تصل حدّ الجمود”. وعقّب “إن الخروج من هذه الدوامة لن يحصل إلا بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أي بعد ما يقل عن ستة أشهر، وتعيين حاكم آخر جديد”.

في السياق نفسه، استبعد اللقيس التجديد لرياض سلامة بسببب ما حدث في هذه السنوات الثلاث. وأشار إلى أن هناك أسماء كثيرة جديرة بتولي مسؤوليات حاكم المصرف. موضحاً بأنه سوف يتم تعيين حاكم جديد بعد انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل الحكومة الجديدة، وأنه في حال لو تأخر ذلك فإن النائب الأوّل لحاكم المصرف، وهو من الطائفة الشيعية، سيستلم عندها صلاحيات حاكم المصرف، ولا يوجد أي مشكلة قانونية في هذا الخصوص؛ وخصوصًا بأن النائب الأوّل سيستلم الصلاحيات برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهذا كفيل بأن تؤول الأمور المصرفية والإقتصادية عندها إلى التعافي.
ويتابع ” إن من مصلحة الطائفة الشيعية أن تتعافى المصارف من أزمتها لأنّ معظم المودعين الكبار من الطائفة الشيعية، وهم أكثر المتضررين والبيانات المصرفية تثبت ذلك”، ويضيف ”هناك أموال ضخمة لمودعين شيعة من إفريقيا وظفوها إما في مشاريع داخل البلد أو في أموال أودعوها في المصارف اللبنانية بفعل المغريات التي كانت تقدمها المصارف للمودعين، غير أن هذه الأزمة كشفت عن انعكاس تلك المغريات عليهم سلبًا“، فألبستهم بذلك رداء الغبن.
ويقول اللقيس بأن أموال المودعين ستعود إليهم، عند حدوث التعافي المصرفي وفق طريقتين:
”أولا قسم يأخذوه بشكل نقدي، وثانيا قسم آخر سيكون عبر أخذ أسهم في المصارف مما سيعود لاحقاً عليهم بالفائدة، وذلك عند عودة المصارف إلى نشاطها الذي سبق الأزمة“.
وعن المودعين الصغار قال اللقيس بأن “اللذين لا تتخطى وديعتهم ال100 الف دولار، فإنهم سيأخذون جميعًا أموالهم نقدًا”.
أما فيما يخص ااـ “haircut” أشار بأنها ستطال جميع المودعين دون استثناء، وهذا الأمر تم الاتفاق عليه حتى الآن ولكن دون أن تحدد النسبة بعد. وأسهب “الضرر الأكبر سيكون على كبار المودعين لأنهم سيخسرون من الفوائد العالية التي أخذوها مسبقًا على مدى 4-5 سنوات، بالإضافة إلى أنهم سيقبضون الأموال التي حولت إليهم خلال الأزمة الاقتصادية بالليرة اللبنانية”، موضحًا بأن المال الذي أُودع قبل الأزمة سيأخذونه وفق الاستراتيجية التي جرى الحديث عنها آنفا في هذه المقابلة.
ولفت، بأنه ”إذا عادت الثقة بالمصارف الموجودة، وأعطيت رخص مصرفية جديدة لآخرين، فذلك يعني أن الأمور ستسلك طريق التعافي بما ينعكس إيجاباً على إعادة جذب الاستثمارات الأجنبية والمغتربين“.
مشددًا من جهة أخرى، “بضرورة إعادة الأموال الضخمة التي حولوها أعضاء كثر من مجالس إدارة المصارف للخارج، وإلا مصارفهم إلى زوال”. وشرح بأن هناك مصارف سوف تذهب نحو التصفية ما لم يسددوا الأموال التي حولوها.
ثمّ أشاد بعمل بنك عودة الذي استرد ودائع له من فروع في بلدان مصر والأردن وسوريا، وقال بأنه “يعمل الآن كما يتوجب عليه ويعدّ من المصارف الرائدة في لبنان في عمله وتعامله مع الزبائن”، داعيًا المصارف الأخرى إلى السير على حذو بنك عودة لإعادة الثقة بين المصارف والمودعين.
وفي الموضوع السياسي، يتوقع اللقيس من موقعه كاقتصادي ومقرب من السياسيين، بأنه بالمنظور القريب سيكون هناك اتفاق سياسي، ويجري العمل في هذا الاتجاه، من خلال انتخاب رئيس للجمهورية كخطوة أولى، مؤكدًا بأن انتخاب الرئيس لن يطول، وبأن ميشال معوض لن يكون هو الرئيس الذي سيصل إلى سدّة الرئاسة كونه رئيس تحدي والمطلوب رئيس توافقي للخروج من الأزمة. ويلفت بأن سليمان فرنجية قد يلقى قبولاً من الشرق والغرب والدول أجمع، وعلى وجه الخصوص السعودية التي إن رضيت عليه، فإن ذلك يعني بالمحصلة رضا كل من فرنسا والأطراف الغربية ومنها أميركا. أما في حال عدم نجاح وصول فرنجية لسدّة الرئاسة فإن قائد الجيش حينها هو الخيار المعقول.
وكشف عن التواصل المكثف الذي يجري مؤخرًا بين قائد الجيش وحزب الله في هذا الاتجاه، موضحًا مسألة عدم إمكانية وصول أي مرشح لسدّة الرئاسة من دون موافقة حزب الله ، بحسب قوله، كونه مكوّن أساسي في المجتمع اللبناني ولا يمكن غض النظر عن هذه المسألة بتاتًا، مذكرًا بتجارب أميركا وإسرائيل العسكرية وغيرها لإلغاء الحزب وإبعاده، وسحب منه السلاح، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.
ثم تطرق لموضوع النفط والغاز الّذي يعوّل عليه لبنان كثيرًا، مؤكدًا اللقيس بأن “البلد سينهض على الفور بمجرد أن يتبين وجود كميات تجارية من النفط والغاز عند بدء الحفر”، داعيًا اللبنانيين إلى التفاؤل متوقعًا الخير لمستقبل البلد ومطمئنًا بـأن “وضع لبنان مرتاح” بفعل أموال المغتربين التي تدخل البلد بحدود الـ4-5 مليارات دولار، وبفعل الاحتياطي الإلزامي الموجود في لبنان والذي يقدر بـ 10 مليارات إضافةً إلى الإحتياطي الدائم حوالي 16-17 مليار، بما يعني أن لبنان ليس مفلسًا ويستطيع النهوض من أزمته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *