شهر رمضان المبارك بين العادات والتقاليد في لبنان
تقرير ميساء عبد الخالق
وكالة الانباء القطرية
بيروت في 26 مارس 2023 /قنا/
لشهر رمضان المبارك عاداته الخاصة في مختلف أصقاع العالم، وثمة عادات وتقاليد دينية واجتماعية وثقافية مختلفة تختلف بين بلد وآخر، وهذا ما ينطبق على لبنان الذي ترتدي شوارعه وساحاته العامة ثوبا من الزينة بمناسبة حلول الشهر الفضيل.
وأسوة بباقي الدول يهلل اللبنانيون لقدوم الشهر الفضيل من خلال عدد من التقاليد، تعبيرا عن فرحتهم وإبراز ما يعرف بـ”سيبانة رمضان” وهي من التقاليد الرمضانية الشائعة في بيروت، ويقوم خلالها اللبنانيون بالذهاب إلى شاطئ المدينة في اليوم الأخير من شهر شعبان، وقبل يوم واحد فقط من بداية شهر رمضان المبارك، احتفالا بحلول هذا الشهر الفضيل، وعادة ما تتضمن “سيبانة رمضان” تناول العديد من الأطعمة والحلويات المحلية الشهية، استعدادا لشهر الصوم.
ومن العادات التي تتميز بها بعض المدن اللبنانية في الشهر الفضيل، خروج بعض الأشخاص قبيل حلول هلال رمضان، وقيامها بجولات سيارة في الشوارع، حيث يرددون الأناشيد والقصائد الشعرية والمدائح النبوية، في إطار تحضير الأجواء لدخول الشهر الكريم.
ومن تراث لبنان الرمضاني فكرة “مدفع رمضان”، لاسيما في المدن الرئيسية كبيروت وطرابلس، وهو التقليد الذي بدأ في بيروت مع الوالي العثماني إبراهيم باشا، عندما أمر في العام 1859 بتثبيت مدفع كبير يتجه نحو الشرق على رابية تطل على بيروت، وعين له مدفعيا يتولى ضبط مواقيت الإفطار والإمساك، إضافة إلى قيامه بإطلاق 21 طلقة مدفعية إعلانا عن حلول شهر رمضان عند ثبات رؤية الهلال، أما حشوة المدفع، فكانت عبارة عن قطعة قماش مغمسة بالزيت ومزودة بكمية من البارود.
وينتظر اللبنانيون قدوم الشهر الفضيل ويستقبلونه بقلوب ملؤها التقوى والإيمان، حيث يحيي المسلمون في لبنان ليالي شهر رمضان في المساجد بالصلاة والدعاء وتلاوة آيات من القرآن الكريم، ويحرصون على صلوات “التراويح”.
وتكثر في الشهر الفضيل الدعوات إلى الإفطار التي يوجهها المسلمون إلى بعضهم البعض كما إلى معارفهم من سائر الأديان لتعريفهم بطقوس الصيام لديهم، كما تقوم عدد من الجمعيات والهيئات بإعداد “موائد الرحمن” في مختلف المناطق اللبنانية لإفطار وإطعام الفقراء، فيما يعمد البعض الآخر، للغاية عينها، إلى إعداد ما يعرف” بإفطار صائم” من خلال توزيع وجبات غذائية للمارين على الطرقات.
ومما ينغص فرحة اللبنانيين بهذا الشهر الفضل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والتي ستؤدي إلى اقتصار سفرة رمضان على أفراد العائلة الواحدة فقط، وإعداد أطباق محددة في ظل غلاء أسعار المواد الغذائية، والذي حرم عددا كبيرا من الأسر المتعففة من تناول اللحوم والدجاج، بعد أن باتت معظم الأسر تعتمد على المساعدات والسلة الغذائية التي ترتكز على الحبوب.
وتخوفت محاسن مرسل، المحللة الاقتصادية اللبنانية والباحثة في الشؤون الاقتصادية والمالية، في تصريح خاص لمراسلة وكالة الأنباء القطرية /قنا/ في بيروت، من الارتفاع المتزايد في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية مع حلول شهر رمضان المبارك، وهو ما يحرم العائلات من المحافظة على العادات والتقاليد، وأولاها إعداد السفرة الغنية بالخضار واللحوم والأطباق الشهية في هذا الشهر الفضيل، ولفتت إلى تراجع حركة الاستهلاك في لبنان تحت وطأة الغلاء الفاحش، وأعربت عن هواجسها من عدم قدرة عدد من الصائمين على تأمين احتياجاتهم الغذائية في هذا الشهر الكريم، موضحة أنه عندما كان الدولار بـ80 ألف ليرة لبنانية، كانت السلة الغذائية لأربعة أشخاص تكلف 40 مليون ليرة لبنانية شهريا، فكيف هو الحال مع ارتفاع سعر صرف الدولار لأكثر من 100 ألف ليرة لبنانية.
وتزدهر في الشهر المبارك تجارة المأكولات والخضار والفواكه والحلويات والعصائر والتمر والمكسرات (اللوز والجوز والفستق)، ولا تخلو المائدة في شهر رمضان من سلطة “الفتوش” اللبنانية الشهيرة، والتبولة، وهو ما يبدأ به الصائم إفطاره عادة بعد تناوله حساء “الشوربة”.
وتتربع على المائدة اللبنانية أيضا “الملوخية” والكبة المحشوة باللحم المفروم، وورق العنب والمحاشي، إضافة إلى الأكلات الشعبية المعروفة المتوارثة بين العائلات، والمشروبات الرمضانية، كالجلاب والتمر الهندي، وقمر الدين.
ويبرز الكلاج والقطايف وزنود الست والكنافة بالجبن، وحلاوة الجبن والكرابيج والشعيبيات، والأرز باللبن على رأس لائحة أبرز الحلويات الرمضانية اللبنانية.
وهكذا اقترن شهر رمضان المبارك في لبنان بعادات وتقاليد سواء في الاستعداد للشهر الفضيل أو خلال الشهر من خلال المأكولات والأطباق التي لا تخلو منها الموائد على مدى ثلاثين يوما، إلا أن هذه العادات والتقاليد الغذائية قد تتبدل تحت الظروف المعيشية والحياتية التي يعيشها اللبنانيون في ظل أسوأ أزمة في تاريخ لبنان.
وأكد مواطنون لبنانيون لـ /قنا/ أن عددا كبيرا من اللبنانيين ستقتصر موائدهم على الشوربة ونوع من الخضار وطبق أساسي في أحسن الأحوال، ولن تكون اللحوم والدجاج أساسيا في إعداد الأطباق لعدد كبير من الأسر الفقيرة تحت وطأة الغلاء الفاحش، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل يومي أو لأكثر من مرة في اليوم الواحد، تماشيا مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، والذي تجاوز سعر صرفه أكثر من 100 ألف ليرة لبنانية، وهي أكبر ورقة نقدية في العملة اللبنانية.
المصدر : وكالة الانباء القطرية