المرتضى من المكتبة الوطنية: فلسطين تستحق الحياة لأن لها أبناء من صلب ترابها وآخرين من هوى روحها يحملون السلاح حديدا ومدادا من أجل حياتها الحرة الكريمة
استضافت وزارة الثقافة فعالية ثقافية اليوم في مقر المكتبة الوطنية في بيروت برعاية وحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ،السفير الايراني في لبنان مجتبى اماني ، المستشار الثقافي الايراني كميل باقر وممثل “مؤسسة حفظ نشر اثار الامام الخامنئي” الدكتور محمد اخكري ونواب الى جانب فاعليات سياسية وثقافية واجتماعية.
وتخلل الاحتفالية التي عقدت تحت عنوان “ترانيم العودة ” كلمات لكل من الوزير المرتضى والسفير الايراني والدكتور اخكري اكدت “اهمية القضية الفلسطينية واثرها في وجدان شعوب كثيرة ومنها الشعب الايراني حتى في الفترة السابقة لانتصار الثورة، واهمية ومركزية القضية الفلسطينية ،اضافة الى الاتفاق السعودي – الايراني والايجابيات الجمة المنتظرة منه على كل صعيد وعلى مستوى المنطقة كاملة”.
السفير الايراني
وقال السفير الايراني : “ان سياسة بلاده لا تترك وسيلة الا وتلجأ اليها من اجل مناصرة القضية الفلسطينية وشعبها حتى مايتعلق منها بالشأن الثقافي والفني من فعاليات موسيقية ومسلسلات درامية وافلام وثائقية وغير ذلك”، لافتا الى ان “ايران ومنذ الثورة على الظلم اثبتت ان اياديها مفتوحة لكل ما من شانه ان ينصر المظلومين في العالم فكيف إذا كان الظلم واقع على الشعب الفلسطيني صاحب القضيته العادلة”.
وتطرق في سياق كلمته إلى الإتفاق مع السعودية فقال :”نحن فتحنا صفحة جديدة مع المملكة العربية السعودية والتعاون سيكون على قدم وساق وسنمضي سويا بالالتزام بتطبيق هذا الاتفاق ،و نأمل ان يكون لهذا الاتفاق نتائج ايجابية على كل البلدان الإسلامية والعربية ومنها لبنان وفلسطين”.
المرتضى
وكان للوزير المرتضى كلمة بالمناسبة قال فيها :”في فلسطين،كانت المدن والقرى تسقط تباعا بين أنياب المجازر، وكانت تتعالى في الوقت نفسه من حناجر البشر والشجر والحجر أناشيد المقاومة وقصائد التحرير. وعلى أقلام من تبقى في الداخل، ومن انتهت بهم التغريبة إلى شتات اللجوء والمخيمات، نما الأدب الملتزم وعم العالم العربي، ثم العالم كله، فكان الجرح دواة والدم حبرا، وصارت فلسطين محفوظة في خفقان السطور على الصفحات، وتردد النبضات في القلوب”.
واضاف: “والحقيقة أن الصراع مع الاحتلال الصهيوني الكريه لم يقتصر أبدا على الوجه العسكري. هو في الأصل صراع ثقافي نشأ منذ ما قبل نشوء الكيان المغتصب، وروجت له دعايات مزورة البيانات والمقاصد، أوهمت العالم أو بعضه أن للصهاينة حقا إلهيا في أرض فلسطين، كما أوهمت اليهود بأن هذه هي أرض معادهم التي ليس فيها سوى اللبن والعسل. ولأجل تسويق هذه الدعايات كان المحتلون وما زالوا ينتحلون ثقافة الشعب الفلسطيني والعربي، وعاداته وتقاليده، حتى في المأكل والمشرب، وينسبونها لأنفسهم، كجزء من تراث لا يملكونه حضاريا بالطبع. بالإضافة إلى ذلك، لم يتورعوا بأساليب شتى، عن كم الأفواه التي تعارض عدوانهم، كما في قوانين معاداة السامية المنشورة في الغرب، التي تعاقب حتى من يحاول أن يحصي عدد الأطفال المعتقلين والنساء الأسيرات. ولم يتورعوا أيضا عن اغتيال الأقلام المقاومة التي وجدوا فيها سلاحا ضدهم أمضى من البندقية والقنبلة، كما فعلوا منذ غسان كنفاني هنا في وسط بيروت، حتى شيرين بو عاقلة على بوابة جنين”.
وتابع: “الصراع مع هؤلاء الغزاة إذا، كان وما زال ثقافيا في الصميم. لذلك وجب علينا كأصحاب حق في بلادنا المغتصبة، أن نحث على تعميم ثقافة التحرير كسلاح لا بد منه في مرحلة التهيئة للانتصار الكبير القادم قريبا بلا ريب. وهذا في كل حال انتماء إلى قيم العالم الحديث القائمة على رفض الاحتلالات وتأكيد حرية الشعوب وحقها في مقاومة المعتدين عليها وتحرير أرضها وتحقيق سيادتها عليها وتقرير مصيرها فيها، وهل أفعل من الفكر والأدب والفنون الجميلة تعبيرا عن ذلك وعملا من أجل ذلك؟”.
واردف: “لا شك في أن المنازلة الثقافية مع الصهاينة تؤدي إلى نتيجتين متقابلتين متكاملتين: الأولى تنال من العدو وقطعان مستوطنيه، الذين اكتشفوا، ولسوف يكتشفون أكثر أن ليس لهم في أرض فلسطين لا لبن ولا عسل، بل شظف في المعيشة ورعب يسكن في نظراتهم وقلوبهم من كل شيء حتى يدركهم الموت على يد مقاوم أو يعودوا إلى بلدانهم الأصلية، أينما كانت في الشرق أو الغرب. والنتيجة الثانية تتمثل في شحذ عزائم المقاومين وأهل الأرض الصامدين وسط جراحهم، بالتعبير الفني لهم عن معنى صمودهم وآثاره على بلورة القيم الإنسانية في العالم كله. وما العمل التوثيقي الذي هو محور هذه الندوة إلا سعي لتثبيت هذا الدور”.
وتابع: “في مناسبة سابقة قلت: فلسطين، حروف ستة هي خلاصة الأبجدية وزبدة الجغرافيا ومختصر الكرامة البشرية. كل درب فيها حكاية دم وعنفوان، وكل قرية صوت صارخ في الضمائر، وكل غصن شجرة قلم يكتب بمداد النسيم صفحات العروبة المضيئة التي أرادوا تهويدها، فانتفض لها إباء، أولاد قحطان وعدنان وكنعان، إلا قلة من المطبعين. فلسطين التي أرادوها جائزة لغرباء عنها، صارت اليوم جائزة الأدب والقيم والكرامات. والأجيال التي جهزوا المنافي والمخيمات لتنسيها مفاتيح البيوت وأسماء القرى، ما برحت تعتمر الكوفية وتمسك البندقية وترفع الهوية راية على مطل العودة القريبة إن شاء الله. وإننا لمؤمنون بأن الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، لا بد منتصر في معركة التحرير التي يخوضها بالرصاص والحجر والصفعة والصمود في المعتقلات، وبالأغاني والقصائد والمسرحيات والأفلام، وبالدأب العلمي الذي لا يعرف كللا.”
وعن موضوع الفعالية قال “: إن ترانيم العودة التي تنطلق في كل فضاء شريف، باتت اليوم تبث على ذبذبات أثير مختلف. هي لم تعد أصواتا فرادى، تتلو قصيدة على منبر أو تنشرها في ديوان. ترانيم العودة اليوم تكتب وتنشد على إيقاع السلاح الحاضر دوما، والمقيم على أهبة النصر حتى اكتمال التحرير. وهي اليوم تتصاعد من اصطكاك عظام الجنود والمستوطنين الصهاينة الذين ترتعد فرائصهم خوفا من بيت شعر كما من هدير سيارة يقودها فلسطيني في أحد شوارع القدس. اليوم توشك ترانيم العودة أن تؤتي أكلها فتصير عودة حقيقية، بهمة المقاومة ومحور المقاومة وسلاح المقاومة وشعر المقاومة. اليوم أصبحت فلسطين أقرب أقرب”.
وختم وزير الثقافة بإحدى قصائد الشاعر محمود درويش: “اسمحوا لي في ختام كلمتي أن أترنم وإياكم بإحدى قصائد محمود درويش التي يقول فيها:
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
هتافات شعب لمن يصعدون إلى حتفهم باسمين
وخوف الطغاة من الأغنيات
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
على هذه الأرض سيدة الأرض
أم البدايات… أم النهايات
كانت تسمى فلسطين
صارت تسمى فلسطين
سيدتي، أستحق لأنك سيدتي،
أستحق الحياة.
وأضيف: إن فلسطين أيضا تستحق الحياة لأن لها أبناء من صلب ترابها، وآخرين من هوى روحها، يحملون السلاح حديدا ومدادا من أجل حياتها الحرة الكريمة.
كما تخلل الفعالية قصيدة من وحي المناسبة ألقتها الشاعرة امل طنانة.