اذا كانت قمة السعودية وايران
كتب نبيه البرجي في جريدة الديار
اذا لم يكن بامكاننا وقف الجنون بنيامين نتنياهو , كيف لنا وقف جنون دونالد ترامب ؟
لو احتسبنا عديد الضباط والجنود في الجيوش العربية والاسلامية . فضلاً عن المؤسسات الأمنية , وكذلك عدد الطائرات والدبابات , وعدد الأحذية في المستودعات (الأحذية بدل الصواريخ) لغطت اسرائيل من أدناها الى أقصاها , لنسأل لو تم تخصيص تلك المئات من مليارات الدولارات لتربية الدجاج , أما كنا كرسنا الأمن الغذائي في العالم العربي , والاسلامي , الذي لا يساوي في الحسابات الأميركية طبق هوت دوغ في حضرة السيد ماكونالد ؟
قطعاً لم نكن نتوقع معجزة في ذلك القصر البهي , وقد خرج الكثير من الحكام , للتو , من السراويل الأميركية أو من صناديق القمامة الأميركية (واسرائيل) . واذا ما لاحظنا كلمات البعض التي تستثير التقيؤ بتلك اللغة التي كما لو أنها لغة السلاحف . قلة قليلة من الكلمات التي تستحق التوقف عندها . ولكن انتبهوا , دون أي صاروخ أو رصاصة . الأميركيون والاسرائيليون وراء الباب .
أولئك الجنرالات الذين تتكدس الأوسمة على صدورهم , وعلى ظهورهم , والذين تابعوا دورات في الأكاديميات العالمية , صنعوا هكذا ليكونوا نافخي القرب الاسكتلندية في حضرة الاسكندر المقدوني , لنسأل لماذا لا ينتج العرب , والمسلمون , جنرالاً مثل موشي دايان , أو مثل آرييل شارون , أو مثل اسحق رابين . ثمة ضابط تابع دورة في تفنية الصواريخ في كلية عسكرية كبرى , ليحتل المرتبة الأولى بين زملائه من جنسيات مختلفة . ولدى عودته الى بلاده أوكلت اليه مهمة الاشراف على المطبخ في الثكنة لوجود علامات استفهام حول الاتجاهات , أو الآراء , السياسية لبعض أفراد عائلته . وكنا قد كتبنا عن جنرالات عرب وسلمين برتبة جنرالات .
لعلنا نأمل من دعوة الأمير محمد بن سلمان الذي رأى ما هي اسرائيل , وما هي أميركا , وهو الذي يعلم اننا أميركيون أكثر من الأميركيين , واننا اسرائيليون أكثر من الاسرائيليين , الى القمة العربية الاسلامية “الاستثنائية” (ودون أن نعرف أين هم العرب واين هم المسلمون) , للقول لدونالد تر امب , ولبنيامين نتنياهو , ان العودة الى “ميثاق ابراهيم” , وهو “ميثاق يهوذا” لا يمكن أن تتم فوق جثث الفلسطينيين (وفوق جثة فلسطين) أو فوق جثث اللبنانيين (وقوق جثة لبنان) .
كلنا ندرك ما نظرة دونالد ترامب البنا . لا يرى فينا سوى العباءات الفارغة , المرصعة بالذهب . هكذا قال لنا علناً . ولطالما هدد الكوفيات العربية بالعمامات الايرانية , , ودون أن نعلم ما يربطنا بتلك الكائنات البشرية التي تدعى “المسلمون” , والذين يتقدم انتماؤهم القومي , أو الاتني , أو التاريخي (وحتى انتماؤهم الأميركي) , على أي انتماء آخر . هل تتعامل دول الجوار معنا , كمدى جيوجياسي مشرع على الرياح , بعيداً عن هذه النظرة ؟ في رأينا , العالم الاسلامي خرافة وسقطت ان بمرور الزمن , وغالباً , بحلول الزمن الأميركي .
نظرة بانورامية الى التضاريس الاستراتيجية في المنطقة لنلاحظ أن أي تطور في المنطقة نحو الأفضل , أو نحو الأسوأ , يرتبط بنوعية العلاقات بين السعودية وايران . هذه قناعة غالبية من حضروا قمة الرياض .
السعوديون الذين يراهن عليهم الأميركيون في المضي بدومينو التطبيع الذي اذا ما وصل اليهم وصل الى دول عربية أخرى , وربما الى سائر أنحاء العالم العربي . موقفهم كان واضحاً لا تطبيع من دون دولة فلسطينية , والايرانيون الذين تبيّن لهم , على مدى العام المنصرم , أن الأميركيين أقفلوا كل المنافذ في وجه أي دولة تحاول التفكير جيوسياسياً سواء خارج الحظيرة الأميركية كما هي بلادهم , أو داخل الحظيرة الأميركية كما هي تركيا .
من أثّروا , أو يفترض أن يؤثروا لدى السعوديين , ولدى الايرانيين (وبعدما أعلن مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” محمد عفيف أننا لسنا فصيلاً لأحد) هو الأداء الأسطوري للمقاومين اللبنانيين والفلسطينيين , بالامكانات الضئيلة التي لا تقارن , في أي حال , بالترسانات العربية , والاسلامية , التي اعتراها الصدأ .
هؤلاء تمكنوا من تعرية الدولة العبرية حتى من عظامها . مؤرخون اسرائيليون راحوا يتحدثون عن “انكسارنا كما انكسار اسبارطة” , لولا الامدادات العسكرية الأميركية . هذا اذا كان هناك من فارق , على المستوى الاستراتيجي كما على المستوى الايديولوجي , بين أميركا واسرائيل .
كل ما نبتغيه من أي تقارب سعودي ـ ايراني , وثمة مؤشرات على ذلك , الحد من جنون دونالد ترامب كي لا يتقاطع مع جنون بنيامين نتنياهو …