أفكار وآراء

للأسف غابت الصحافة لمصلحة الأبواق .. والإنهيار الحالي أبرز المظاهر والنتائج…..

*كتب علي يوسف

كنت دائما اقول لوزراء الاعلام ان الكلام عن الاعلام في لبنان وعظمته هو كذبة كبيرة وان المؤسسات الاعلامية في لبنان هي خارج المعايير الاعلامية والمهنية وانها عبارة عن ابواق ….
في لبنان صحافيون مميزون ولكن للاسف يعملون في مؤسسات ابواق بسبب طبيعة ما يُسمى ” بالمؤسسات الاعلامية ” نشأة وتمويلا وتركيبة وولاءات .. او يبيعون كفاءتهم لمؤسسات خارجية تستأجر منهم مهارتهم وعقولهم وفكرهم وتحولهم الى دمى مهنية … وقد تستغني عتهم بفعل تطور ما يُسمى بالذكاء الصناعي لانهم هم ايضا تحولوا الى روبوت …
قد تكون الميادين رغم امكان وضع ملاحظات عليها هي المؤسسة المهنية الوحيدة التي يمكن ان نطلق عليها اسم مؤسسة صحفية ..أما باقي المؤسسات بما فيها المؤسسات التي انتمي شخصيا الى خطها اي مؤسسات اعلام المقاومة فهي لا ترتقي الى المستوى الذي يجعل منها صانعة لرأي عام قادر على الابداع في تطوير مشروع تحرر وطني تنموي يتمتع بالحداثة ..وتكتفي بالتعبير ونشر المعلومات وبعض التوجيه والدعاية ويقتصر نجاحها على جانب محدد يتعلق بالمعركة مع العدو دون ان ترتقي الى معركة بناء الوطن والتحالفات والرؤيا الاستراتيجية لتموضع لبنان وعلاقته ودوره في المحيط انطلاقا من المعطيات والواقع والتحولات …وتحوِّل الخط السياسي الى نصائح كما تحوِّل التصدي للحصار بممارسة الاحسان والدعوات للمساعدات !!!!
و للأسف لا تستجيب السياسة الاعلامية والرؤيا الاعلامية لهذه المؤسسات للاجابة على ابسط الأسئلة مثلا … كيف يمكن ان تكون تعمل لتحرير فلسطين وترتضي بمشاركتك في الحكومة وفي مجلس النواب اللذين يعتمدان السياسات التي تربط اقتصادك كليا بالغرب .. بل اكثر من ذلك تشارك وبإيجابية لربطه اكثر بالغرب عن طريق الالتزام ببرنامج صندوق النقد الدولي !!!!!!!!!
كيف لا يلحظ الاعلام الافادة من التجربة السعودية مثلا في بلد تكثر فيه الولاءات الشكلية للمملكة في ابراز معاني القرارات الجريئة التي اتخذها ولي العهد محمد بن سلمان في الاتجاه شرقا لتحقيق التوازن بين امنه الاقتصادي وبين امن نظامه السياسي بحيث لا يبقى امنه الاقتصادي شرقي وامنه كنظام أو أمنه السياسي تابع للولايات المتحدة الاميركية …!!!!!
لن ادخل كثيرا في العمق السياسي ولكن يمكن التأكيد ان لبنان ما كان ليصل الى ماوصل إليه لو كان يتمتع بإعلام صانع للرأي العام ولكن اعلام الأبواق قادر على ايصال لبنان الى هذا الانهيار بكفاءة بل وقادر الى اخذه الى ماهو اعمق بكثير في الهوة التي يحفرها يوميا وفي كل ما هو مطروح في البنية المركّبة وفي مواضيع الساعة من تطورات مفتعلة او استحقاقية …
ولقد فاتني ان اكون أكثر صراحة بالإشارة الى انه خارج ابواق المحور الذي انتمي اليه وانتقده فإن الأبواق الأخرى هي ليست فقط ابواقا لتوجهات سياسية وبعيدة ولا تمت بصلة الى دور صناعة الرأي العام بل هي بمعظمها واقول بمعظمها تجنبا لوقوع احتمال الخطأ ،وإلا لقلت كلها ،هي ابواق عمالة ليس من منطلق انها تابعة للغرب بل من منطلق ان كل ما تقوم به من محاولة صناعة للاحداث وليس للرأي العام يخدم تنفيذ اجندات تدميرية استعمارية عبر خدمة مدفوعة الثمن تستأجر المهنة والعقل والمواقف ..!!!!!!؟؟
ولا بد في الخلاصة من القول ان الدور الاقليمي للمقاومة بعظمته ودوره الاستراتيجي هو الذي يخفف من مفاعيل النقص الفادح في الرؤيا الداخلية وفي التعاطي مع السياسات الداخلية ..
الا انه مع اقتراب الحسم الاقليمي بات من غير المسموح ان نكون متأخرين في الخطوات عن الواقع الذي سيستجد وعن الخارطة التي سترسمها التغييرات الكبيرة القادمة في الخرائط والسياسات ….
لقد كان يقول السيد دائما ان قدرتنا على الإنتصار على العدو تتحقق في كوننا نسبقه في الرؤيا بخطوة على الاقل … وبالتالي فقدرتنا على صناعة تاريخنا المستقبلي تستوجب ان نسبق الأحداث برؤيا لصناعة توجهات نتائجها وإلا سنعود اتباعا لمن يسبقنا بخطوة ….!!!!!!!!!!!
وللصحافة صانعة الرأي العام و الوطنية دور اساسي في صناعة سبق الرؤيا ………………

*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *