أفكار وآراء

مقابلة فوكس نيوز رسائل حصرية للاميركيين: بن سلمان الخائف يعرض ولاءات وهمية طلبا لغفران الانضمام الى البريكس ..!!

*كتب علي يوسف

انتظرت اوسع قراءات وتعليقات على مقابلة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان لأرى مدى عمق الرؤى حول ما تضمنته المقابلة من توجهات بدت كتوجهات متناقضة في السياسة السعودية ..!!

لم يتطرق احد الى اسباب المقابلة الفعلية في هذا الوقت وان كانت مبررة شكلا بمناسبة العيد الوطني السعودي .. كما لم يتطرق احد الى اسباب اختيار فوكس نيوز لاطلالة بن سلمان …

اكثر التعليقات ركزت على هدف اعتبرته اساسيا وهو طرح نفسه للانتقال من ولي العهد الى موقع الملك الاصيل قريبا وانهاء مرحلة الحكم الملكي بالوكالة عن والده … وذهب البعض الى التركيز على مسألة التطبيع مع العدو الاسرائيلي وذهب آخرون الى التركيز على النمو الاقتصادي و الترويج لصورة السعودية بعد الانجازات التي حققها اقتصاديا واجتماعيا وعلى صعيد المرأة و مواجهة التطرف الديني والترفيه الخ …..

وعمد المختلفون مع السعودية الى محاولة اظهار التناقضات في السياسة والتوجهات السعودية مابين الدخول في مجموعة البريكس وما يُفترض ان يعنيه ذلك وينتج عنه وفي نفس الوقت عرض المشاركة في مشاريع استراتيجية اميركية كخط النقل الهندي الاميركي الاوروبي والذي يتضمن الشرق الاوسط والذي يعتبره البعض ردا على مشروع طريق الحرير الصيني وكذلك اقتراح معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة الاميركية بحيث يصبح جزءا من المحور الاميركي .. وهي امور تظهر واضحة في تناقضاتها ليخنم المقابلة بقول : “نحن نعمل لا لارضاء احد و ما يهمنا هو مصلحتنا وهي معيار سياساتنا وتوجهاتنا “…

اعتقد ان هذه المقابلة هي مقابلة موجهة الى الولايات المتحدة الاميركية حصرا ولذلك تم اختيار فوكس نيوز المحطة الاعلامية الاميركية المرتبطة بالمحافظين والاشد محافظة للاطلالة من خلالها .. كما اعتقد حكما ان هذه المقابلة مدفوعة الثمن وتم تحضيرها كاملة بعناية أسئلة وأجوبة وحاولت اظهار ذكاء استثنائي لولي العهد ووضوح في الرؤيا تؤهله بجدارة للموقع الملكي ..

واعتقد اننه لا اهمية لكل ماورد في المقابلة من مواقف خارج الرسائل والعروض الموجهة الى الادارة الاميركية بفرعيها المحافظ والديموقراطي .. حتى موضوع الايجابية المشروطة لموضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني والتي تضمنت شروطا ظهرت وكأنها سهلة الا انه اراد من خلالها اظهار ايجابية مفرطة كرسالة في حين انه يعرف ان الشروط التي مررها انسيابا هي غير قابلة للتطبيق من قبل الكيان الاسرائيلي وحتى من قبل الاميركيين ..
وخارج هذه الرسالة خلت المقابلة من اي مواقف استثنائية عربية او اقليمية او حتى بما يتعلق بانضمامه الى مجموعة البريكس في ما عدا اشارة هادئة اللهجة الى الرغبة المشروطة في امتلاك الاسلحة النووية في حال امتلكتها ايران …

انطلاقا من كل ذلك نستطيع القول بكل ثقة ان هذه المقابلة ، مُضافة الى دوره في قمة العشرين واستعداداته وعروضه ،ناتجة عن خوف بن سلمان من موقف اميركي معاد له نتيجة انضمامه الى مجموعة البريكس و قد حاول فيها تكثيف كل رسائل المهادنة وحتى الموالاة للادارة الاميركية بفرعيها محاولا استنساخ الموقع والسياسة الهندية من دون الأخذ بعين الاعتبار الفارق الكبير بين الهند وبين السعودية في كل مرتكزات الموقع والحجم والتطور والدور والمرتكزات ..

ولا بد من القول ايضا ان من حظ بن سلمان ان الولايات المتحدة الاميركية هي حاليا ومرحليا في اضعف اوقاتها نتيجة الصراعات السياسية الداخلية تمهيدا للإنتخابات المقبلة ..وإلا لكان دفع ثمنا باهظا لهذه المهادنة الناتجة عن الخوف من قرار اميركي بمنع تنصيبه ملكا اذا لم نقل التخلص منه بطريقة او بأخرى يعرف الاميركيون استعمالها خصوصا في مواقع الضعف لدى من يفكر في مواجهتها …..

حماية القوة
—————-
ويجب القول ان الخوف قادر على ان يقضي على كل المكاسب التي تحققت واستلزمت شجاعة تحققت ..وان تحصين الموقع في مواجهة محتملة مع الاميركيين لا تحققها خطوات التراجع والتطمين بل تحققها خطوات تعزيز وتثبيت الامن القومي الاقليمي والعربي المتناسق مع التوجه نحو البريكس ومفاعيله .. وهو دور تخلف بن سلمان عن القيام به بالسرعة المطلوبة بعد الاتفاق مع ايران وبحيث يقوم بمبادرة تتعدى دول الخليج نحو الاقليم الواسع عبر اتفاق مع تركيا بحيث يتحقق تحالف سعودي ايراني تركي وعبر اخذ دور القيادة والدعم لانهاء الصراعات والحروب في الدول العربية على قاعدة مواجهة المشروع الصهيوني حتى انهائه ومعالجة الازمات السياسية والاقتصادية بدعم سعودي مباشر بما يُمكّن من خلال هذا التشبيك من تحقيق قطب اقليمي يواكب مرحلة تعدد الاقطاب وهو قطب بملك امكانات استثنائية وقادر على شراكات مع القارة الافريقية التي تشكل دولا عربية ركائز اساسية فيها وهذا ما يعطيه قيماً اضافية ذات فاعلية عالية …

قوة الموقع وثبات القواعد والسياسات والتحالفات المرتكزة الى الامن القومي الذي ينطلق بمواجهة المشروع الصهيوني هي التي تؤمن الحماية وليس التراجعات والتطمينات و تقديم عروض الولاءات الوهمية ..ومن الحكمة الاستفادة من الواقع الاميركي الواهن راهنا لتسريع خطوات ترسيخ المواقع والمرتكزات …
*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *