في عُمقِ المُجون
بقلم الأديبة اللبنانية زينة جرادي
أَعبُرُ البحرَ والبَيْداءُ تُغرِقُني
كَوالِهٍ مُدْنَفٍ في لحظاتِ جُنون
هَزَّتْ أنفاسُكَ روحَ الرُّوحِ في عُمْقِ المُجون
انتشرتْ في كلِّ الزَّوايا
تغَلْغَلَتْ بأدراجِ ملابسي… عَطَّرَتْها
كم يليقُ بكَ الضَّوْعُ حينَ يرتديك
لا أعرِفُ أين خبَّأتُكَ وأين أبحثُ عنك
سَجَّرَني الشَّوقُ
زُرتُكَ في المنام
عَلَّقْتَني قمرًا في سماء
توضَّأْتُ بالشَّغَفِ وصَلَّيْتُ الحنين
كأننا رُوحانِ التحمتا بقلبٍ واحِد…
أيُّهٰذا الساقي
ثِمارُ حديقَتِكَ كأسُ مُدام
ما فَعَلَتْ بي عيناكَ والقُبلةُ الرَّعْناء
تَنَهُّداتٌ وشَهَقات!
تُقيمُ في الـ هُناكَ وأنا ها هُنا
أراكَ من دونِ أن أراك
سَقَطَ القلبُ كَالطَّلِّ في ليلِ السَّحَر
أينَكَ في لحظاتِ الجَوى
دِلاءُ الرُّوحِ أضناها النَّوى
وَخُطايَ راقصةٌ سَكْرَى
زَلْزَلَ الحِبرُ سُطوري
لا تَكُنِ السِّجْنَ والسَّجَّان
اِبحث عنّي
جِئْني جَهْرًا
وَطَنُكَ أنا … اِستَوْطِنِّي متى تشاء
عيناكَ قِنديلانِ في ظلام
وفي الحِضْنِ كوابيسُ رَقْطاء
وشوقٌ يلْتَحِفُ الجفاءَ في أزِقَّةِ النُكران
فؤادي يَستَصرِخُ خَفْقَ هَواك
ومخاضُ لَوْعَتي يَلِدُ حُلْوَ اللِّقاء
هُزَّ جُدرانَ الوِجدان
دَعَوْتُكَ إلى وَليمةِ عِشقٍ في غَياهِبِ الروح
التَفَّتِ السَّاقُ على السَّاقِ وغرِقنا في طُوفانِ الأشواق
امتلأتَ بِشذى الأُنوثةِ وعناقيدِ الرُّمّان
جسدي المُشتاقُ تسكُنُهُ أحداقُكَ العَطْشى
تَتَلَمَّسُهُ كَفَّاكَ في دُجى لَيل
ريحُكَ عَسَسٌ يَقْشِرُ الماءَ عن حِضنِ سَحاب
وَناري جَليدٌ ذابَ فيك
تَتَمَسَّكُ بِحُبّي
كيفَ يكونُ الفِراقُ بحجمِ اللِّقاء
وأنامِلُكَ الحَريريَّةُ خَلَعَتْ أظافِرَها مُحتَرِفَةً الغِياب
تُراوِغُ كَذِئْبٍ ارتدى وجهَ مَلاك
مقاعِدُ الآفِلينَ تُزَيِّنُ الأرصفةَ العاريةَ من شَغَفِ المساء…
اِتَّسَعَتِ الهُوَّةُ ما بيننا
في مُنتَصَفِ المسافةِ بين الحُبِّ واللَّا حُبّ
تَذَكَّرْ أنْ لا مكانَ للمشاعرِ الجَوْفاء