منوعات

افتتح فرعاً للكونسرفتوار الوطني في المجيدل قضاء جزين. وزير الثقافة: نقاتل حتى الشهادة من أجل ثقافة الحياة في وجه ثقافة الموت التي تمارسها اسرائيل

المطران مارون العمّار: المحبة والإحترام للوزير المرتضى لثقافته وأخلاقه وسعيه إلى ترسيخ العيش الواحد.
القواس :نطمح أن ننشر الموسيقى في كل ربوع الوطن

شارك وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى في القداس الذي ترأسه راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار بمناسبة مار إلياس الحي – المجيدل -جزين في كنيسة البلدة وبحضور

وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور الحجار،
النواب :الدكتور شربل مسعد ، الدكتور اسامة سعد ، وملحم خلف ،راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار، رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى الدكتورة هبة القواس ، منسق تيار المستقبل في الجنوب مازن حشيشو ممثلاً النائبة السابقة بهية الحريري و حشد من رؤساء البلديات و فعاليات اجتماعية

وتلا القداس حفل إفتتاح
فرع للكونسرفتوار الوطني في بلدة المجيدل حيث كانت كلمة لسيادة المطران مارون العمار الذي رحّب فيها بحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى وجميع المدعويين وابدى تقديره واحترامه للوزير في كل النشاطات التي يقوم بها في وزارته لا سيما الشؤون الثقافية والفنية .
وقال :”انا على معرفة شخصية مع الوزير المرتضى الدي أكنّ له كامل المحبة والاحترام لما يتميّز به من سعة ثقافة وعلم ودماثة أخلاق وخاصة هو من مدرسة وطنية عريقة تسعى وتهدف دائماً إلى تعميق أواصر التلاقي والعيش المشترك بين أبناء المناطق الجنوبية والوطن وهذا ما نُثني عليه ونعمل لأجله دائماً .
ووجه المطران العمار الشكر للوزير المرتضى على قراره إنشاء فرعٍ للكونسرفتوار الوطني في المجيدل وللمنطقة بهدف نشر ثقافة فن الموسيقى
وللنائب دكتور مسعد والدكتورة القواس .
بدوره كان لوزير الثقافة كلمة بالمناسبة جاء فيها :”

سيادة المطران مارون العمار السامي الاحترام
منذ تسلّمي حقيبةَ الثقافة أطلقتُ موقفًا، أنا مؤمن بفحواه، قلتُ فيه: إن أعيادنا الدينية لا تختصُّ بطائفةٍ وحدَها، بل هي مواسمُ مقدّسة ومناسبات وطنية وجامعة لتثبيت العيش الواحد نؤكد فيها نحن اللبنانيين التقاءَنا على القيم الروحية والإيمانية التي تجسِّدُها هذه الأعياد”.
وقال:”ذلك أن مسار الحياة الوطنية في المجتمع اللبناني الواحد المتنوّع، دفعت إلى إرساءِ ثقافةٍ اجتماعيةٍ تتجلّى صورُها المتناسقةُ الألوانِ العديدة، خصوصًا في البيئات المختلطةِ إيمانيًّا، حيثُ يتجاورُ الناقوسُ والمئذنة. فأصبح لنا على مرِّ الأعياد والأزمنة ما يمكن أن نسميَه “ثقافةَ العيد”، التي تجمعُ ما بين الفرض الديني والعادات والتقاليد الشعبية المتوارَثة، وبعضُ هذه يعود إلى زمنٍ سحيق، لكنه نما في الذاكرةِ العامة وتغيرت أبعاده الرمزيةُ وتعبيراتُها بما يتلاءَمُ مع معطيات الارتقاء الإيماني.”

وتابع المرتضى:”هذه التقاليد، كثيرًا ما يمارسُها المواطنون معًا دونما تفريق بين واحدٍ وآخر.
هذا اكتشفتُه خلال إقامتي في طرابلس خلال الأشهر القليلة الفائتة، بعدما انتقلت إليها أيامًا في الأسبوع لمتابعة إحياء فعاليات إعلانها عاصمة للثقافة. فلقد تناهى إليَّ مثلًا، أن القوى الأمنية، قبل الحرب المشؤومة بالتأكيد، كانت تلقي القبض على مطلقي الأسهم النارية ليلًا في ساحات الكنائس احتفاءً بعيد الميلاد أو عيد الفصح. فيطلع النهار على صبيةٍ محتجَزين في المخافر، ثلاثةُ أرباعِهم من المسلمين.، أتوا ليتشاركوا الفرحَ الشعبيَّ بالعيد، مع إخوتِهم وجيرانِهم.

وأضاف المرتضى:”مار الياس الحي واحدٌ من أكثر القديسين شعبيةً في بلادِنا، وعيدُه يندرجُ طبعًا ضمن هذا الإطار. ولعلَّ وقوع العيد صيفًا، يدفعُ أكثر إلى جعلِه موسمًا وطنيًّا عامًّا، يلتقي فيه المغتربون والمقيمون، وأهل القرى والنازحون عنها إلى المدن، ويتجلى ذلك بوضوح في المناطق المختلطة، حيث يجتمع المواطنون ليقيموا الفرح، كما يحدث اليوم في هذه البلدة وهذه الكنيسة، ليس بإطلاق الأسهم النارية الاصطناعية، بل بإطلاقِ سهمٍ ثقافيٍّ مضيءٍ وصادح، يتمثلُ بافتتاح فرع للكونسرفاتوار الوطني، من أجلِ نشر الموسيقى لغةَ حياةٍ بين أبناء المنطقة دون استثناء. وهكذا يصبحُ العيد الدينيُّ جسرًا إلى الإبداع الثقافي الإنساني، كما ينبغي لذلك أن يكون”.

وأردف قائلًا:”ليس وجودي الآن بينكم مقتصرًا على كوني وزير الوصاية على الكونسرفاتوار الوطني. أنا هنا لأنني في الأصل ابنُ هذا القضاء ، نسبًا وانتماءً، وتلفُّتًا إلى رؤيةِ لبنان، كلِّ لبنان، قائمًا على وَفقِ النموذَجِ الذي في جزين والجنوبِ بشكلٍ عام. نموذجٌ يعبر عنه خير تعبير في عظاتِه ومواقفِه، وفي العيش اليومي للإيمان والجيرة واحترام الوحدةِ في التنوّع، سيادة المطران مارون العمار راعي الأبرشية. فهذا بالنسبةِ إلى معنى وجود لبنان، أكبرُ معهدٍ لموسيقى القيم الوطنية العليا، وأفضلُ كورالٍ حياتيٍّ يرفعُ إلى السماءِ ألحانَ ابتهالاتٍ، وينشرُ في مسامعِ الأرضِ مقاماتٍ متناغمةَ الحضور.”

لافتًا الى ان :”هذه هي أيها الأصدقاء صورة الوطن المرتجى الذي يريدُ أبناؤه أن يعيشوا معًا نعمةَ وجودِهم معًا. أن يكتشف كلُّ واحدٍ منهم نفسَه في الآخر، ويسندَ كلٌّ منهم أخاه وجارَه وقريبَه. لكن ما يحدثُ على مقربةٍ من هنا، في الجنوبِ المقاوم كما في غزةَ المدمرةِ وسائرِ فلسطين، يضعُنا بالحقيقة أمام تحدٍّ مصيري في سعيِنا للمحافظةِ على الوجهِ البهيِّ للبنان، ويكشفُ أمامنا صورتين للثقافة: ثقافة الحياة الكريمة التي يصرُّ عليها أبناءُ شعبنا، ويقاتلون حتى الشهادة من أجل أن تكون لهم ولأجيالهم في قادمات الأيام، وثقافة الموت التي تسود عقلية الكيان المغتصب، وبها يجتثُّ كلَّ مظاهر الحياة، حيثما وصلت نارُه، فيقتل الطبيعة والبشر والحضارة، ويحاول أن يقتل الأمل والعزيمة فلا يفلح، لأن إرادة الحياة ونواميسَها لا بدَّ منتصرة. وإذا كانت ثقافة الموتِ تبيدُ كلَّ شيء، حتى نفسَها في النهاية، فإن ثقافة الحياة تبني، بالفرح والموسيقى والصلاة والمقاومة والاستشهاد في سبيل الوطن والقيم، فهذه كلُّها تقاسيمُ متنوعة على مقامٍ موسيقي واحد، هو مقام الوطن العزيز السيد المحرر، المحفوظه أرضُه وسماؤه وبحره وخيراتُه بعزائم أبنائه “.

وختم وزير الثقافة كلامه:”مباركٌ للمجيدل هذا المركز، وبركات مار الياس تحلّ عليكم جميعاً
وكل عيد وأنتم بخير
عشتم وعاش لبنان.”

والقى النائب شربل مسعد كلمة بالمناسبة:”
إسمحوا لي في البدء أن ابارك لكم و لأبناء منطقة جزين و الجوار و لكل المبادرين الى إقامة هذا المعهد وذلك لأهمية تعليم الموسيقى في صقل النفوس وتهذيبها وبناء شخصية الإنسان الواعي والمثقف خاصة إذا اقترن ذلك بالدراسة الجادة والتعليم الرصين الذي يضمن دمج الفنون والعلوم معاً لمصلحة بناء الإنسان و أؤمن انه إذا اقترنت الفنون بدراسة العلوم ستضمن خلق أجيال واعية ومدركة تقول رأيها بحرية من جهة وفي نفس الوقت تأخذ من العلم سلاحاً ووسيلة للتقدم ,فالفن والموسيقى يكملان بعضهما البعض فهما غذاء للروح والجسد.
و في هذه المناسبة السعيدة استذكر معكم في أجمل ما قاله فيلسوف القلم و الريشة جبران خليل جبران عن الموسيقى :
«الموسيقى ترافق ارواحنا وتجتاز معنا مراحل الحياة، تشاطرنا الارزاء والافراح، وتساهمنا السراء والضراء، وتقوم كالشاهد في ايام مسرتنا، وكقريب شفوق في ايام شقائنا».
«ويا ابنة النفس والمحبة ايتها الموسيقى يا إناء مرارة الغرام وحلاوته يا خيالات القلب وثمرة الحزن وزهرة الفرح يا رائحة متصاعدة من طاقة زهور المشاعر المضمومة بلسان المحبين ومذيعة اسرار العاشقين، يا صائغة الدموع من العواطف المكنونة، يا موحية الشعر ومنظمة عقود الاوزان، يا موحية الافكار مع نتف الكلام، يا مشجعة الجنود ومطهرة النفوس، يا بحر الرقة واللطف.. الى امواجك نسلم انفسنا، وفي اعماقك نستودع قلوبنا.. احملينا الى ما وراء المادة وأرينا ما تكنه عوالم الغيب»

في النهاية و تبقى إرادة الحياة و الصمود في أرض الأجداد هي الأقوى و ستنتصر على الحرب و الموت .
و الاستراتيجيات الرامية إلى تعزيز التمحور حول الإنسان و المشاريع التي قمنا و سنقوم بها في منطقتنا خير دليل على ثباتنا في هذه الارض المباركة .
عشتم عاش لبنان بلد الجمال و الفن و الإبداع حراً سيداً مستقلاً.
بدورها قالت الدكتورة القواس:”أنْ تجتمعَ مناسبتان روحيّة وموسيقيّة في حدثٍ واحدٍ وفي ليلةٍ واحدة، وفي هذه البقعةِ الجغرافيّةِ الوطنيّةِ العزيزة، فنحن حتمًا في لبنان. لبنانُ الذي لطالما كان رائدًا في الصّمودِ الثقافيٍّ والروحيّ والإنسانيّ الذي أبهرَ العالم، ورمزًا في التحدّي والإيمانِ وعشقِ الأرضِ والحياةِ والثقافةِ والموسيقى والانفتاحِ والحريّة، لِيصبحَ أيقونةَ الأوطانِ الجريحةِ والشّامخةِ في آن، مُقدّمًا إلى العالم نموذجًا مختلفًا ذا هويّةٍ ثقافيةٍ فريدة، تفوّقتْ بفرادتِها وخصوصيّتِها على كل الهويّاتِ المفتعلةِ الهَجينة لتغييرِ صورته وتاريخِه.
وها نحن اليوم، من قلبِ الجنوبِ الأبيّ، وفي حِمى مار الياس الحيّ، نَستَلُّ سيفَه المبارك لنرفعَه من هذه الأرض المقدّسة بثباتٍ وإصرار، وفي اليد الأخرى نرفع عصا القيادة الموسيقيّة، علامةَ الإيمانِ الرّاسخِ بروحانيّتِنا وثقافتِنا اللّتَين صنَعَتا مجدَ هذا الوطن.
من المجيدل الوادعة والعريقة، نستكملُ اليوم حكايةَ مجدِ هذا الوطن، حكايتَه التي نرويها في جميع مناطقِه ومُدُنِه وقُراه. نستكملُ دربَ الموسيقى، التي نطمحُ أن تعمَّ كلَّ لبنان، فيكونُ للكونسرفتوار في كل منطقةٍ، بيتٌ دافئٌ يحتضنُ الأجيالَ الموسيقيّة، لِتُضافَ إلى الفروعِ الثمانيةَ عشْرةَ الموزّعة على امتداد لبنان.
وما سوى الموسيقى، الرسالةُ الأبهى والأعمق والأصدق، ننشرُها في ربوعِ الوطن وبين أهله وأبنائِه، صلةُ الوصلِ الحضاريّةُ والكونيّة، والإرثُ الأغلى الذي نقدّمه للأجيال الآتية التي ستحملُ رايةَ العلمِ والثقافةِ والأصالةِ والقِيمِ الإنسانيّة.
موسيقانا هي سلاحُنا، وثقافتُنا هي وجهتُنا الحتميّةُ إلى عالمِ الحداثةِ الجديد الذي نطمحُ أن يكونَ لبنانُ على خريطتِه، وأن يعودَ لبنانُ إلى مكانتِه المرموقةِ في العالم. الموسيقى رسالتُنا للسّلام الذي سينتصرُ لا محالة، وما لقاؤنا اليوم، في الجنوبِ الشّامخ، سوى أصدقِ دليلٍ على أنَّ لبنانَ سيبقى رسالةَ السلامِ ووجهةَ الثقافة والريادة والحضارة.
مبارك للمجيدل الفرع الجديد للمعهد الوطني العالي للموسيقى، والذي سيكون حتماً بين أَيدٍ مبدعة. ومبارك عيد مار الياس الحيّ شفيع المجيدل البهيّة التي خصّها الشّاعر الجنوبيّ الكبير خليل روكز، ابن وادي الليمون المجاورة بقصيدةٍ، أقتطف منها:
يا مْجيدل اللي فيكيِ قَرابي
قَديمي مِن عُمر خَمر الخَوابي

إسمِكْ مشْ مْجيدل في عِنادو
إسمِكْ مَجِدْ فيه المجدْ رَابي

لكنْ عِندْ ما الحسّادْ رَادو
إجو زادو إلكْ حَرفَين حتّى
يْخبّوا المجد بِحروف الكتابي.”

هذا وادى طلاب من المعهد الوطني معزوفات موسيقية شرقية بعد افتتح مبنى الكونسرفتوار وقدم النائب مسعد هدايا تكريمية إلى كلّ من الوزير المرتضى والقواص عربون شكر وتقدير لهما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *